للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال تكلم رجل بين يدي المأمون فأحسن فقال له المأمون ابن من أنت قال ابن الأدب يا أمير المؤمنين فقال نعم الحسب الذي انتسبت إليه ولهذا قيل المرء من حيث يثبت لا من حيث ينبت ومن حيث يوجد لا من حيث يولد وبآدابه لا بثيابه وبفضيلته لا بفصيلته وبعقله لا بعقائله وبأنبائه لا بآبائه وبكماله لا بجماله قال الشاعر

كن ابن من شئت واتخذ أدبا ... يغنيك محموده عن النسب

إنّ الفتى من يقول ها أنا ذا ... ليس الفتى من يقول كان أبي

وقال بزرجمهر من كثر أدبه كثر شرفه وإن كان وضيعاً وبعد صيته وإن كان خاملاً وساد وإن كان غريباً وكثرت حوائج الناس إليه وإن كان فقيراً وقالوا من دأب في طريق الأدب أدرك حاجته وملك ناصيته ونبل قدره ونبه ذكره قال الشاعر

لكل شيء زينة في الورى ... وزينة المرء تمام الأدب

قد يشرف المرء بآدابه ... فينا وإن كان وضيع الحسب

[وما أحسن قول بعض الأعاجم يفتخر ويعتذر]

مالي عقلي وهمتي حسبي ... ما أنا مولى ولا أنا عربي

وإذا انتمى منتم إلى أحد ... فإنني منتم إلى أدبي

ويقال حسن الأدب يستر قبيح النسب وقالوا الفضل بالعقل والأدب لا بالأصل والنسب ويقال الأدب ينوب عن الحسب ولا ينفع حسب بلا أدب شاعر

كم من خسيس وضيع القدر ليس له ... في العز بيت ولا ينمى إلى نسب

قد صار بالأدب المحمود ذا شرف ... عال وذا حسب محض وذا نشب

يعلى التأدب أقواماً ويرفعهم ... حتى يساووا ذوي العلياء في الرتب

<<  <   >  >>