للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سهل بن هرون فدخل عليه يوماً والناس جلوس وقد أسبلوا براقع الغفلة على وجوه الفطن والفهم عنهم قد رحل والتبلد فيهم قد قطن فلما فرغ المأمون من كلامه أقبل سهل على الناس وقال مالكم تسمعون ولا تعون وتفهمون ولا تفهمون وتشاهدون ولا تتعجبون والله إنه ليقول ويفعل في اليوم القصير مثل ما يفعله بنو مروان في الزمن الطويل عربكم كعجمهم وعجمكم كعبيدهم لكن كيف يعرف الدواء من لا يشعر بالداء فاستحسن المأمون منه ذلك وأنزله منزلته الأولى وكلام سهل يحتمل مدح فصاحة المأمون وذم البلادة التي أنزلت جلساءه المنزل الدون واثباته في حقهم بالذم أوجب علينا وألزم

[الفصل الثاني من الباب الثامن]

[فيمن تأخرت منه المعرفة]

[ونوادر أخبارهم المستظرفة]

وواجب أن نبدأ بأخبار من أساء في التفقد والعياذة ولم يحسن خطابه في السؤال ولا الاعادة قال عامر بن شراحيل الشعبي عيادة النوكي أشد على المريض من مرضه فإنهم حمى الروح وطليعة ملك الموت دخل حمصي على عروة بن الزبير يعوده لما قطعت رجله لا لم أوجب عليه فعل ذلك من أكلة أصابتها فقال أقطعت رجلك قال نعم قال جيد قال أوجعك شديد قال نعم قال جيد ثم قال لا تغتم فإنك لو رأيت ثوابها لتمنيت إن الله قد قطع رجليك ويديك وأعمى بصرك ودق صلبك فكان مصاب عروة بعائده المزيد في نكده أكثر من مصابه بما قطع من رجله ويده وأين هذا الجلف من عيسى بن طلحة بن عبيد الله فإنه دخل على عروة هذا يعوده لما قطعت رجله فقال والله ما كنا نعدك للصراع ولا للتسباق ولكن نعدك للخير ونوالك المنساق ولئن أعدمنا الله أقلك لقد أبقى لنا أكثرك سمعك وبصرك ولسانك وعقلك ويديك وإحدى رجليك فقال يا عيسى ما عزاني أحد بمثل ما عزيتني به ودخل آخر على مريض يشكو من رأسه فقال لأهله لا ضير إذا رأيتم المريض هكذا فاغسلوا ايديكم منه وعاد آخر مريضاً فقال له ما بك قال وجع الركبة قال إن جريراً ذكر بيتاً ذهب عني صدره وبقي عجزه وهو

وليس لداء الركبتين دواء

<<  <   >  >>