للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خفه حتى وقع على قدمه وهو يسحبه ويدوسه فقال له المستعين ويحك يا شجاع ما هذه الحالة فقال الساعة يا سيدي داسني كلب فخرقت سراويله وثيابه فضحك المستعين وقال لا وتامش مثل هذا ينبغي أن يستعمل في الكتاب ومن ظريف ما يخبر عنه أن أحمد بن عمار عمل شعراً مختلف القوافي ولا معنى له مما يليق بفهمه وعقله متعمداً ذلك ليضحك منه اخوانه ووقف إليه وقال أيها الوزير ليس الشعر صناعتي ولكنك أحسنت إلي وإلى أهلي بما أوجب علي شكرك فعملت أبياتاً أمدحك بها فتفضل بسماعها فقال له أغناك شرفك عن التكسب بالشعر وانشاده فقال لا بد أن تتفضل وتأذن لي فأذن له فأنشد

شجاع لجاج كاتب لائب معا ... كجلمود صخر حطه السيل من عل

خبيص لبيص مستمر مقوّم ... كثير أثير ذو شمال مهذب

بليغ لبيغ كل ما شئت قلته ... لديه وإن أسكت عن الأمر يسكت

فطين لطين أمره لك زاجر ... خصيف لصيف كل ذلك يعلم

أديب لبيب فيه فهم وعفة ... عليم بشعري حين أنشد يشهد

كريم حليم قابض متباسط ... إذا جئته يوماً إلى البذل يسمح

فسر بذلك وشكره على انشاده ووصله بعشره آلاف درهم وأجرى له ألف درهم في كل شهر وكان محموداً الوراق عنى هذا المذكور بقوله من أبيات

يا ناظراً يرنو بعيني راقد ... ومشاهداً للأمر غير مشاهد

أو أبا تمام بقوله

ولو نشد الخليل له لعفت ... بلادته على فطن الخليل

أو قول هذا القائل فيه فلان لا ينتبه ولو أدخل في الكور ونفخ عليه إلى أن ينفخ في الصور وحكى الجاحظ في كتاب البيان أن المأمون كان يستقل

<<  <   >  >>