للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي وهب لي من العدل ما تطمئن إليه قلوب رعيتي وتعرض له متظلم في بعض الطرق فوقف له وأزال شكايته فقيل له هلا صرت حتى يستقر بك المنزل فقال الخير سريع الذهاب وخشيت أن أفوته بنفسي وإنما هي فرصة قدمت فيها العزم واستصحبت الحزم قال شاعر يمدح متولياً اتصف بهذه الخلة من الرؤساء الجلة

لا تقدح الظنة في حكمه ... شيمته عدل وإنصاف

يمضي إذا لم تلقه شبهة ... وفي اعتراض الشك وقاف

[ومما اتفق على مدحه الأوائل والأواخر تواضع من حاز الفضائل والمفاخر]

قالوا ينبغي لمن عظم قدره وامتثل نهيه وأمره وانتشر في الخافقين ذكره أن يكون للاعجاب مطرحاً وعن الكبر منتبذاً ومنتزحاً فإن همة الرجل العاقل الفاضل شريفة علية وباختفار ما أوتيت من رياسات الأموال والعمال ملية قال ذو النون من تطأطأ لقي رطباً ومن تعالى لقي عطباً وقال عروة بن الزبير التواضع من مصايد الشرف وكل نعمة محسود عليها إلا التواضع ويقال التواضع في الشرف أشرف من الشرف ويقال اسمان يتفق معناهما ويفترق لفظهما التواضع والشرف وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيب دعوة الحر والعبد والأمة والمسكين ويقول لو دعيت إلى كراع لأجبت وكان يخصف النعل ويحلب الشاة ويركب الحمار ردفاً ويرقع الثوب ويطحن مع الخادم إذا أعيت ويأكل معها ويحمل بضاعته من السوق ويسلم مبتدئاً ويصافح الغني والفقير ويخالط أصحابه ويحادثهم ويمازحهم ويلاعب صبيانهم ويجلسهم في حجره وما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال لبيك وقال لا تفضلوني على يونس ابن متي ولا ترفعوني فوق قدري فتقولون في ما قالت النصارى في المسيح إن الله اتخذني عبداً قبل أن

<<  <   >  >>