للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل منهم بحسب حاله وقدرته فصنع بعض المتجملين العاجزين خريطتين وملأ إحداهما ملحاً مطيباً وملا أخرى سعداً معطراً وكتب معهما رقعة فيها لو تمت الارادة لأسعفت العادة ولو ساعدت القدرة على بلوغ النعمة لتقدمت السابقين إلى خدمتك وأتعبت المجتهدين في كرامتك لكن قعدت بي القدرة عن مساواة أهل النعمة وقصرت بي الجدة عن مباهاة أهل المكنة وخشيت أن تطوى صحيفة البر وليس لي فيها ذكر فأنفذت المفتتح بيمنه وبركته وهو الملح والمختتم بطيبه ونظافته وهو السعد باسطاً يد المعذرة وصابراً على ألم التقصير متجرعاً غصص الاقتصار على اليسير والقائم بعذري في ذلك ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج والخادم ضارع في الامتنان عليه بقبول خدمته ومعذرته والاحسان إليه بالاعراض عن جراءته والرأس اسمي ثم دخل دار يحيى ووضع الخريطتين والرقعة بين يديه فلما قرأ الرقعة أمر أن تفرغا وتملا احداهما دنانير والاخرى دراهم ومن الحكايات المستظرفة ما يحكى أن بعض القيان افتصدت فأهدى لها محبوها هدايا فكان من جملتهم من أهدى ثلاث سلال مخيطة ففتحت سلة منها فوجدتها مملوأة ماشاً وفيها رقعة مكتوب فيها ماش خير من لاش وفتحت الاخرى فإذا هي مملوأة عصافير فطاروا وفيها رقعة مكتوب فيها هذه أعتقتها لوجه الله تعالى شكراً له على سلامتك من فصدك وفتحت الاخرى فإذا هي فارغة لا شيء فيها إلا رقعة مكتوب فيها لو كان لهديناه فضحك من كان حاضراً ولم تدع القينة شيأً مما أهدى إليها إلا أعطته منه

اعتذار من لم يهد شيأً

تأنق في الهدية كل قوم ... إليك غداة شربك للدواء

فلما أن هممت بها مدلاً ... لموضع حرمتي بك والاخاء

رأيت كثير ما أهدى قليلاً ... لديكم فاقتصرت على الدواء

آخر

إن أهد نفسي فهو مالكها ... ولها أصون كرائم الذحر

<<  <   >  >>