للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكل الناس الأذكياء عيال على زياد بن أبيه حكي عنه إنه كان يوماً جالساً في مجلس عمر فأملى عمر على كاتبه كتاباً سراً فكتب الكاتب خلافه فقال زياد يا أمير المؤمنين إنه كتب غير ما أمليته فتناول عمر الكتاب فوجد الأمر كما قال زياد فقال عمر زياد من أين علمت هذا قال رأيت رجع فيك وحركة قلمه فلم أر بينهما اتفاقا

[الفصل الثاني من الباب السابع]

[في ذكر بداهة الأذكياء البديعة]

[وأجوبتهم المفحمة السريعة]

قالوا البديهة قدرة روحانية في حلية بشرية كما أن الرؤية صورة بشرية في حلية روحانية ويقال بالاحسان في البديهة تفاضلت العقول ويقال ميسور الراي عند البديهة خير من الأطناب بعد الفكرة فممن أبدع في بديهته من الفضلاء من غير ما سؤال ولا ابتلاء أبو نواس وذلك أنه اجتمع ندماء الأمين في مجلس أنس وخلاعة وهو فيهم فخرج عليهم الأمين في زينته مخموراً والجواري يحملنه على سرير فلما رآه أبو نواس قال إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هرون تحمله الملائكة فلله حسن انتزاع هذا الرجل ما أبدعه وأبرعه وفكره ما أصدعه وأسرعه لقد جاوز شأو الاختراع في الانتزاع وتعدى الغاية وصرف العقول لاستحسان ما أشار إليه بهذه الآية لأن أباه هرون الرشيد وعمه موسى الهادي وهو وارثهما وصعد سليمان بن عبد الملك يوم جمعة المنبر ويقال الوليد وعليه أكثر المؤرخين فسمع صوت ناقوس فقال ما هذا قالوا البيعة يا أمير المؤمنين فأمر بهدمها فهدمت فبلغ ذلك ملك الروم فكتب إليه إن هذه البيعة أقرها من كان قبلك فإن كانوا أصابوا فقد أخطأت وإن تكن أصبت فقد أخطؤا فسأل سليمان من خواص دولته الجواب فأعياهم فقال الفرزدق عن اذن أمير المؤمنين قال قل قال يكتب إليه ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكماً وعلماً فسر بذلك وأمر له بعشرة آلاف درهم وخطب قتيبة بن مسلم على منبر خراسان عندما قدمها والياً فسقطت العصا من يده فتطير من ذلك فقام بعض الأعراب فمسحها وناوله إياها وقال أيها الأمير ليس كما ظن العدو وساء

<<  <   >  >>