للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو يقول

فالا أكن فيكم خطيباً فإنني ... بسيفي إذا جد الوغى لخطيب

فبلغ ذلك المهلب فقال لو قال هذا على المنبر لكان من أخطب الناس وخطب خالد بن عبد الله القسري فارتج عليه فقال إن هذا الكلام يجئ أحياناً ويعسر أحياناً وربما كوبر فأبى وعولج فنبا والتأني لمجيئه خير من التعاطي لأبيه وتركه عند تنكره أفضل من طلبه عند تعذره وقد يختلط من الجرئ جنانه وينقطع من الذرب لسانه وسأعود فأقول ثم نزل وارتج على أبي العباس السفاح فنزل ثم صعد وقال أيها الناس إن اللسان بضعة من الانسان يكل لكلاله ويرتجل لارتجاله ونحن أمراء الكلام بنا تفرعت فروعه وعلينا تهدلت غصونه وإنا لا نتكلم هدراً ولا نسكت حصراً بل نسكت معتبرين وننطق مرشدين وذكر المسعودي إن المعتضد خرج يوم الفطر وكان يوم الاثنين سنة تسع وسبعين ومائتين إلى مصلى أحدثه بالقرب من داره ليصلي بالناس فكبر في الركعة الأولى ست تكبيرات وفي الثانية تكبيرة واحدة فلما فرغ من الصلاة صعد المنبر فحصر ولم يسمع له خطبة وفي ذلك يقول الشاعر يعتذر عنه في هذا المقام

حصر الامام ولم يبين خطبة ... للناس في حل ولا احرام

ما ذاك إلا من حياء لم يكن ... ما كان من عي ولا افحام

وخطب داود بن علي فارتج عليه فقال اتقوا الله وافعلوا ما أمركم به وانتهوا عما نهاكم عنه ثم نزل ولقد جمع في هذه الكلمات بين الحكمة وفصل الخطاب وأحسن لهم في النصيحة وأطاب صعد بعض الخطباء المنبر فحصر بعد الحمدلة فكررها مراراً فقال بعض من حضره على ما أبلانا منك فإنه لا يحمد على المكروه غيره ثم ولي وهو ينشد

ختم الإله على لسان عذافر ... ختماً فليس على الكلام بقادر

فإذا أراد النطق خلت لسانه ... لحماً تحرّكه لصقر نافر

<<  <   >  >>