ومراتب وجعل الشاة المدبر الرئيس والفرس والفيل مركوبان له والفرزان وزيره والبيادق رعاياه فكما إن الواحد من الرعية إذا أعطى الاجتهاد حقه في تهذيب نفسه وتأديبها كان ذلك عوناً له على أن ينال رتبة الفرزان فكذلك الفرزان إذا علت همة وتمكنت قدرته طمحت نفسه إلى نيل رتبة الشاه وقتاله وكذلك ما يليها من القطع ويقال في سبب وضعها إن بعض ملوك الهند كان له ولد يسمى شاه أخرجه إلى بعض الحروب فقتل فيها فهاب الناس الملك أن يعلموه بموته فوضع لهم بعض حكمائهم الشطرنج وبين لهم فيها ما خفي عنهم من مكايد الحروب وكيفية ظفر الغالب وخذلان المغلوب وبين فيها التدبير والحزم والاحتياط والمكيدة والاحتراس والتعبية والنجدة والقوة والجلد والشجاعة والباس فمن عدم شيأً من ذلك علم موضع تقصيره ومن أين أتى بسوء تدبيره لأن خطأها لا يستقال والعجز فيها متلف المهج والأموال واعلم إن في ترك الحزم ذهاب الملك وضعف الرأي جالب للعطب والهلك والتقصير سبب الهزيمة والتلاف وعدم المعرفة بالتعبية داع إلى الانكشاف وأمرهم أن يلعبوا بها بين يدي الملك فلما لعب بها قال الغالب للمغلوب شاه مات ففطن الملك للمراد وأمر أن يعزى بولده ثمرة الفؤاد ويقال إن صصة لما وضع الشطرنج وعرضها على الملك وأظهر له مكنون سرها قال له اقترح ما تشتهي قال أن تضع حبة بر في البيت الأول ولا تزال تضعفها حتى تنتهي إلى آخر البيوت فما بلغ تعطيني فاستخف الملك عقله واحتقر ما طلبه وقال كنت أظن برجاحة عقلك وتوقد فكرك أن تطلب شيأً نفيساً فقال أيها الملك إنك لما صرفتني إلى التمني لم يخطر ببالي غير ذلك ولا سبيل إلى الرجوع عنه فأنعم له الملك بما سأل وتقدم باحضار الحساب وأمرهم بحساب ذلك فاعملوا في بلوغ قصده مطايا الأفكار حتى لاح لهم نجم صدقه فعرفوه بعد الانكار فلم يجدوا في بلاد الدنيا من البر ما يفي للحكيم بمراده ولو كانت الرمال من أمداده وذلك إنهم وضعوا حبة في البيت الأول وفي الثاني حبتين وفي الثالث أربعة وفي الرابع ثمانية وفي الخامس ستة عشر وهكذا ولولا خشية التطويل لذكرنا تضعيف عددها ونهاية مددها ولم أهمل ذلك فإني وجدت بعض الحذاق حصرها بالاعداد الهندية ونظمها في بيت من الشعر