للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتبعه بصره حتى خفي علينا تعجباً من حرصه وما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فرق المال جميعه وممن عمرت الوفود أرجاء ناديه وغمرت بالجود فواضله وأياديه أجواد العرب في الجاهلية الذين ضرب بهم المثل في الجود ثلاثة لا رابع لهم وهم كعب بن مامة الأيادي وهرم بن سنان النمري وحاتم الطائي وقد جمعهم بعض الشعراء في بيت واحد فقال مادحاً من أبيات

لو أدرك العصر من كعب ومن هرم ... وحاتم جود كفيه لما ذكروا

ومن أجواد العرب عمرو بن عبد مناف فإنه أول من هشم الثريد وجمع قومه عليه فسمى لذلك هاشماً وفيه يقول الشاعر

عمرو العلا هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف

ويقال في المثل ما أحد كهاشم وإن هشم ولا كحاتم وإن حتم وأجواد العرب في الاسلام عبد الله بن عباس وأخوه عبيد الله فمن المأثور عن عبد الله أن رجلاً أراد مضارته فأتى وجوه قريش وهم جلوس في فضاء الكعبة وقال يقول لكم عبد الله تغدوا عنده اليوم فأتوه وقت الغداء حتى ملؤا البيت فسألهم عن مجيئهم فأخبروه الخبر فأمر قوماً بشراء فاكهة وأمر قوماً بالخبز وقوماً أن يطبخوا وقدمت الفاكهة إليهم فما فرغوا من أكلها حتى قدمت الموائد فأكلوا وانصرفوا ثم قال عبد الله لوكيله أيوجد مثل هذا كل يوم إذا أردناه قال نعم قال فليتغدوا عندنا كل يوم وأما عبيد الله فإنه كان لفرط جوده يسمى معلم الجود وهو أول من وضع الموائد على الطرق وكانت نفقته في كل يوم خمسمائة دينار وكان إذا خرج من دوره طعام إلى رحابه ومساجده لا يرد إليها منه شيء فإن لم يجد من يأكله ترك مكانه فربما أكلته السباع وكان هو والناس في ماله سواء من سأله أعطاه ومن

<<  <   >  >>