للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علي أن أرجع حتى أضع يدي في يدك قال قتيبة فعجبت له وتضاحكت لقوله قال فمضينا هنيهة ثم أعاد علي القول وقال إني أعاهد الله لك على أن أعود إليك قال قتيبة فوالله ما ملكت نفسي حتى قلت له اذهب فلما توارى عني شخصه أسقط في يدي فقلت ماذا صنعت بنفسي وأتيت أهلي مهموماً مغموماً فسألوني عن شأني فأخبرتهم فقالوا لقد اجترأت على الحجاج فبتنا بأطول ليلة فلما كان عند أذان الغداة إذا الباب يطرق فخرجت فإذا أنا بالرجل فقلت أرجعت قال سبحان الله جعلت لك عهد الله علي فأخونك ولا أرجع فقلت أما والله إن استطعت لأنفعنك وانطلقت به حتى أجلسته على باب الحجاج ودخلت فلما رآني قال يا قتيبة أين أسيرك قلت أصلح الله الأمير بالباب وقد اتفق لي معه قصة عجيبة قال ما هي فحدثته الحديث فأذن له فدخل ثم قال يا قتيبة أتحب أن أهبه لك قلت نعم قال هو لك فانصرف به معك فلما خرجت به قلت له خذ أي طريق شئت فرفع طرفه إلى السماء وقال لك الحمد يا رب وما كلمني بكلمة ولا قال لي أحسنت ولا أسأت فقلت في نفسي مجنون والله فلما كان بعد ثلاثة أيام جاءني وقال لي جزاك الله خيراً أما والله ما ذهب عني ما صنعت ولكن كرهت أن أشرك مع حمد الله حمد أحد ولما تفرق الأمر عن مروان بن محمد وأيقن بزوال ملكه وغلبة بني هاشم عليه قال لكاتبه عبد الحميد بن يحيى إني قد احتجت أن تكون مع عدوي فتظهر لهم الغدر بي فإن إعجابهم بأدبك وحاجتهم إليك تمنعهم منك وتدعوهم إلى حسن الظن بك فإن استطعت أن تنفعني في حياتي وإلا فلا تعجز عن حفظ حرمتي بعد وفاتي فقال عبد الحميد إن الذي أمرتني به أنفع الأمرين لك وأضرهما بي وما عندي إلا الوفاء حتى يفتح الله لك أو أقتل معك ثم أنشد

أسرّ وفاء ثم أظهر غدرة ... فمن لي بعذر يشمل الناس ظاهره

فأمسك عنه ساعة وأعاد عليه القول ثانية فقال والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس فلم يزل معه حتى قتل وذلك في آخر سنة اثنتين وثلاثين ومائة وله تسع وخمسون سنة وقتل ببوصير قرية

<<  <   >  >>