دخل الكوفة على حين غفلة من أهلها وهو ملتئم يظنونه الحسين فجعل لا يمر على ملا من الناس إلا قالوا مرحبا بابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت خير مقدم فلما سمع مقالتهم حسر لهم عن وجهه فلما رأوه داخلهم كآبه وحزن وخاف مسلم على نفسه فاستجار بهانئ بن عروة فأرسل إليه عبيد الله يطلبه منه فقال لا أسلم إليك من استجار بي ظناً منه أن قومه سيمنعونه منه فتوعده وتهدده فقال والله لو كان تحت قدمي هاتين ما رفعتهما عنه فاصنع ما بدا لك فضربه على وجهه فأدماه وهشم أنفه وأمر به فحبس فلما بلغ مسلم ابن عقيل ذلك أمر أن ينادي في أصحابه وكان قد بايعه ثمانية عشر ألفاً فاجتمع حول داره منهم أربعة آلاف فجاء الصارخ بذلك إلى عبيد الله فخرج من المسجد إلى القصر فزعاً مسرعاً وأغلق أبوابه وأحاط مسلم بن عقيل به فيمن معه من كل ناحية ولم يكن مع عبيد الله في القصر إلا ثلاثون رجلاً من الشرط وعشرون من أشراف الناس فبينما هم كذلك إذ أقبل كثير بن شهاب فيمن أطاعه من مذحج فنادى أيها الناس ألحقوا بأهاليكم ولا تعرضوا أنفسكم للقتل فان هذه جيوش أمير المؤمنين يد مقبلة وقد أقسم الأمير عبيد الله لئن لم ترجعوا عن حربه ليأخذن البرئ بالسقيم والغائب بالحاضر حتى لا يبقى منكم باقية فتفرق الناس وجعل الرجل يخوف أخاه بجند الشام والمرأة تخوف ولدها فأمسى مسلم بن عقيل ومعه ثلاثون ألفاً فخرج متوجهاً نحو أبواب كندة فما بلغ الأبواب ومعه عشرة ثم خرج من الأبواب وما معه انسان فمضى على وجهه لا يدري أين يذهب فالتجأ إلى دار امرأة تسمى طوعة فمنعته الجلوس على بابها ولم تكن تعرفه فقال لها افعلي معي معروفاً لعلي أكافئك عليه بعد قالت وما ذاك قال أنا مسلم بن عقيل كذبني هؤلاء القوم وغروني فرقت له وحنت عليه وأخذت بيده وأدخلته دارها وكانت للأشعث بن قيس فلما كان الغد صعد عبيد الله بن زياد المنبر فحمد الله على انتصاره ثم قال برئت الذمة ممن وجدنا مسلم بن عقيل في داره ومن جاء به فله ديته فقام محمد بن الأشعث وقال إن بلال بن أسيد أخبرني إن عقيل بن مسلم عند أمه فقال قم وأتني به فقام ابن الأشعث في ستة عشر رجلاً حتى أتوا الدار فلما سمع مسلم وقع حوافر الخيل نهض إليهم بسيفه فاقتحموا عليه الدار فضربهم حتى أخرجهم وخرج خلفهم مصلتاً سيفه ومانعاً عن نفسه فقال له ابن الأشعث يا فتى لا تقتل نفسك ولك الأمان وهو يدافع عن