للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عقبة المري قال فما لبث أن دخل رجل أعور ثائر الرأس كأنما يقلع رجله من وحل إذا مشى فرمى إليه بالكتاب فلما قرأه احمر وجهه وأزبد شدقه فقال له يزيد ما الرأي قال أرى أن تبعث إليهم جيشاً رجاله غليظة أكتافهم طويلة رماحهم فيطؤنهم حتى يكونوا نكالاً لمن خلفهم فقال له يزيد كنت لها لولا أنك ضعيف فقال يا أمير المؤمنين إن كنت تريدني لمصارعتهم فإني ضعيف وإن كنت تريدني للراي فإني قوي فأمره يزيد بالتجهز فما أصبح إلا وعلى باب يزيد عشرون ألفاً وفيهم مسلم بن عقبة فاستدعاه يزيد وقال له سر فإن حدث بك أمر فاستخلف الحصين بن نمير وادع أهل المدينة ثلاثاً فإن أجابوك وإلا قاتلهم فإن أطاعوا أمرنا فانصرف عنهم إلى ابن الزبير فإن قاتلتهم وظفرت بهم فابحها ثلاثاً واستوص بعلي بن الحسين خيراً ثم ودعه وانصرف بمن معه من الجيش فلما سمع أهل المدينة بقدوم الجيش غور والمياه التي بينهم وبين أهل الشأم فأرسل الله السماء فلم يسيتق أصحاب مسلم بدلو حتى قدموا المدينة وكان أهل المدينة قد أطلقوا بني أمية فخرجوا قاصدين الشأم فلقوا مسلماً بالجيش فرحب بهم وسألهم عن أهل المدينة فأخبروه بحالهم وشاورهم أين يكون نزوله من نواحي المدينة فأشار عليه عبد الملك بن مروان أن ينزل بالجيش من قبل الحرة فإنها مشرفة على المدينة وإن أهلها ينظرون من تألق بيضكم وأسنة رماحكم وسيوفكم ما لا يراه أصحابك منهم فنزلها فلما رآهم أهل المدينة خرجوا في جموع كثيرة وهيئة لم ير مثلها فلما رآهم أهل الشأم أكبروهم وكرهوا قتالهم فكتب مسلم إليهم يحذرهم سطواته وينذرهم فتكاته فأبوا قبول ما دعاهم إليه من الانقياد لطاعته فلما كان اليوم الرابع وهو يوم الجمعة لثلاث بقين من ذي القعدة سنة ثلاث وستين نادى مناديه يا أهل المدينة قد مضى الأجل فما تصنعون أتسالمون أم تحاربون فقالوا بل نحارب ثم خرجوا وطلبوا البراز فأمر مسلم أن يعيي الجيش وضرب لهم فسطاطاً ووقع القتال وجعل مسلم يعد قومه ويمنيهم وعبد الله بن حنظلة الغسيل يحرض قومه ويقدم أولاده واحداً بعد واحد حتى قتلوا ثم حمل عليه فقتل وقتل يومئذ ثمانية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أهل الشأم لبني أمية ألهؤلاء جئتم بنا حتى نقتلهم ثم اشتد القتال وكثر القتل حتى انهزم أهل المدينة فدخلوها وتحصنوا بها فيئس منهم مسلم فدله رجل من بني حارثه على طريق سالكة إلى المدينة فسلكه بمن معه حتى دخلها

<<  <   >  >>