للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا أدخل موضعاً لا أرى لي فيه مخرجاً وسئل بعض الشجعان هل شيء أضر من التواني قال الاجتهاد في غير وقته وقال جعفر بن ميسرة من مكن أسباب الهلكة من نفسه طائعاً لم يكد يتخلص منها وإن كان جاهداً وقال بعض الحكماء لصديق له اعلم إن الفطنة اظهار الغفلة مع شدة الحذر فبات مباثة الآمن وتحفظ منه تحفظ الخائف ولا تظهر له المخافة فيرى ان قد حذرت فيهون عليه ما يستهو له منك ويقال إذا أخد المرء بالحذر والاحتراس في موضع الشدة وعمل على الجراءة والاقدام عند انتهاز الفرصة فقد أخذ بالحزم في شدته وعمل بالحزم عند فرصته وقال بعض الفلاسفة كن حذراً كأنك غر فطناً كأنك غافل وذاكراً كأنك ناس وقال بعضهم

من أخذ الحذر من المحذور ... قلّ تجنيه على الدهور

فليحزم الحازم في الأمور ... فإن كبا فالعذر للمعذور

آخر

على كل حال فاجعل الحزم عدة ... تقدّمها عند النوائب في الدهر

فإن نلت حظاً نلته بعزيمة ... وإن قصرت عنك الحظوظ فعن عذر

ومما يكون عمدة عند لقاء الأبطال ... التفكر في أعمال الاحتيال وإن طال

قالت الحكماء الحازم يحتال للأمر الذي يخافه لعله أن لا يقع فيه فليس من القوة التورط في الهوة ومن لم يتأمل العواقب بعين عقله لم يقع سيف حيلته إلا على مقاتله وأنشد لتأبط شرا

إذا المرء لم يحتل وقد جدّ جدّه ... أضاع وقاسى الصعب وهو مقصر

ولكن أخو الحزم الذي ليس نازلاً ... به الأمر ألا وهو للقصد مبصر

<<  <   >  >>