للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالوصف الشنيع والمرأى الفظيع ليبلغ في الاعتذار عن هربه مقتضى أربه فلما لم يكن بنا لذكرها على التمام حاجة اقتصرنا على الخلاصة منها لا المجاجة من أحسن من الجبناء في اعتذاره لما قرع على انهزامه وفراره الحرث ابن هشام وكان قد شهد بدراً مشركاً فانهزم فصنع حسان قصيدة استطرد به فيها يقول منها

إن كنت كاذبة الذي حدّثتني ... فنجوت منجى الحرث بن هشام

ترك الأحبة إن تقاتل دونهم ... ونجا برأس طمرّة ولجام

فأجابه الحرث

الله يعلم ما تركت قتالهم ... حتى رموا فرسي بأشقر مزبد

وعلمت إني إن أقاتل واحداً ... أقتل ولا يضرر عدوي مشهدي

وشممت ريح الموت من تلقائهم ... في مازق والخيل لم تتبدّد

فصدفت عنهم والأحبة دونهم ... طمعاً لهم بعقاب يوم مفسد

وأنشد هذا الاعتذار لبعض ملوك العجم فقال يا معشر العرب لقد بلغتم بلطافة ألسنتكم وحسن احتجاجكم وجميل أوصافكم مبلغاً لم يبلغه أحد غيركم حتى اعتذرتم عن الفرار بعذر يسع بعدكم الاعتذار به لكل منهزم وتوفي الحرث هذا سنة ثمان عشرة بالطاعون وهو طاعون عمواس قرية بالشأم وفيها توفي أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل رضي الله تعالى عنهم ويقال إن عبد الله بن عنقاء الجهمي لقيه بنو عبس يسوق بأمرأته أم الحصين ففر عنهم فعيرته امرأته فقال

أجاعلة أم الحصين خزاية ... عليّ فراري أن لقيت بني عبس

لقيت أبا شاس وشاساً ومالكاً ... وقيساً فجاشت من لقائهم نفسي

جذيمة دعواهم وعود بن غالب ... أولئك جاشت من لقائهم نفسي

كأن جلود النمر صبت عليهم ... إذا جعجعوا بين الاباحة والحبس

<<  <   >  >>