للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال بعض الحكماء التزين بالعفو خير من التقبح بالانتقام وقال علي رضي الله عنه ليس شيء بخير من الخير إلا ثوابه وكل شيء في الدنيا سماعه أعظم من عيانه وكل شيء في الاخرة عيانه أعظم من سماعه ويقال التشفي طرف من العجز ومن رضي به لا يكون بينه وبين الظالم الأستر رقيق وحجاب ضعيف ولان يثنى عليك بسعة الصدر خير من أن تذم بضيقه وقال ابن المعتز مبالغة المقتدر في العقوبة تقربه من غضب الله وتبعده من انتساب الكرم إليه وقال كفى بالظفر شفيعاً للمذنب إلى القادر وقال بعض الحكماء لا يحملنك الحنق على اقتراف اثم يشفي غيظك ويسقم دينك ويقال لا تشن حسن الظفر بقبح الانتقام وقالوا عقوبة المقتدر تبدأ به تقبح صورته وتثلم حسبه وتعجل ندمه شاعر

إذا أنت لم تصبر على الحقد لم تفز ... بمجد ولم تسعد بتقريظ مادح

آخر

رأيت انتقام المرء يزري بعقله ... وإن لم يقع إلا يأهل الجرائم

وقال الفضيل بن عياض لا يكون العبد من المتقين حتى يأمن عدوه بوائقه وقلت إذم مسرفاً في الانتقام فلان منزوع الرحمة من قلبه مصروف الوجه عن المعترف بذنبه يرى العفو مغرماً والعقوبة مغنماً إن ضحكت في وجهه عبس وإن تخاضعت له شمس لا يرقب في المسئ إلا ولا ذمة ولو شفع فيه سواد الأمة ومن رسالة للبديع الهمداني يصف ملكاً عظيم الشان يحسبه المتأمل إنساناً وهو شيطان وفلان سماء إذا تغيم لم يرج صحوه وإذا تغير لم يشرب صفوه وإذا سخط لم ينتظر غيره ليس بين رضاه والسخط عوجة كما ليس بين غضبه والسيف فرجة وليس من سخطه مجاز كما ليس بين الموت والحياة معه حجاز

<<  <   >  >>