للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وارحم صغار بني يزيد إنهم ... قتموا لفقدك لا لفقد يزيد

إن جدت بالرحم القريبة بيننا ... ما جدّنا من جدّكم ببعيد

فلما سمع المنصور أبياتها قال أدركتنيه ثم أمر به فحدر في المطبق فكان آخر العهد به ويزيد المذكور في شعر فاطمة هو أخو عبد الله بن حسن وأخذ عبد الله لأجل ولديه محمد وإبراهيم وكانا قد خرجا على المنصور وغلبا على المدينة ومكة والبصرة فبعث المنصور إليهما عيسى بن موسى فقتل محمد بالمدينة وكان قتل إبراهيم ومحمد بين البصرة والكوفة في رمضان سنة خمس وأربعين ومائة وقال أبو بكر الخطيب مات عبد الله بحبس الكوفة يوم الأضحى سنة خمس وأربعين ومائة وهو ابن ست وأربعين سنة وكان المنصور قل ما يظفر بأحد إلا قتله سواء كان مستوجباً للقتل أو غير مستوجب وهذا كان في أول خلافته فقال له عبد الصمد بن علي قد ضخمت في القتل والعقوبة حتى كان لم يسمع بالعفو فقال إن بني أمية لم تبل رممهم وآل أبي طالب لم تغمد سيوفهم ونحن قوم رأونا بالأمس سوقة واليوم خلفاء ولا تتمهد الهيبة في صدورهم إلا باطراح العفو عنهم واستعمال العقوبة فيهم ومن عجائب الطفر ما حكاه الصولي أن المتوكل قال ركبت إلى دار الواثق أزوره في مرضه في اليوم الذي مات فيه ولم أدر بذلك فدخلت الدار وجلست في الدهليز ليؤذن لي فسمعت بكاء نادبة بناحية تشعر بمونه فتجسست وإذا اتياخ ومحمد بن عبد الملك الزيات يأتمران في فقال محمد نلقيه في التنور وقال اتياخ بل ندعه في الماء البارد حتى يموت ولا يرى عليه أثر القتل فبينما هما كذلك إذ جاء أحمد بن أبي دواد وكان القاضي يومئذ فمنعه الخدام الدخول فدافعهم حتى دخل فجعل يحدثهما بما لا أعقله لما داخلني من الخوف واشغال القلب بأعمال الحيلة في الهرب والخلاص مما ائتمرا به في فبينا أنا كذلك إذ خرج الغلمان يتعادون إلي ويقولون انهض يا مولانا فما شككت أني أدخل وأبايع ولد الواثق وينفذ في ما قرر فدخلت فلقيني ابن أبي دواد فقبل يدي وأمسكها إلى أن صار بي إلى السرير وقال اصعد إلى المكان الذي أهلك الله فلما صعدت وجلست سلم علي بالخلافة وجاء محمد بن عبد الملك الزيات واتياخ فسلما علي أيضاً ثم استدعوا القواد فسلموا علي ثم الناس على طبقاتهم فلما انقضت المبايعة بقيت متعجباً مما اتفق مع ما سمعته من كلام ابن الزيات

<<  <   >  >>