للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موضعاً فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه وقال بعض الحكماء أن الحق ثقيل فمن قصر فيه عجز ومن جاوزه ظلم ومن انتهى إليه اكتفى أتى المأمون برجل وجب عليه حد فأمر بضربه فقال يا أمير المؤمنين قتلتني قال الحق قتلك قال ارحمني قال ما أنا بأحرم من الذي أوجب الحد عليك وقالوا جماع الخير كله في القيام بحدود الله تقدمت امرأة إلى ابن الزيات وكان قد حبس ابنها في دم فاستغاثت فنهرها وزوى وجهه عنها فقال بعض من حضر ارحمها أيها الوزير إنها أمه قال أفلا أرحم أم المقتول شاعر

إذا عفا لم يك في عفوه ... منّ به كدّر نعماه

وإن سطا عاقب ذا زلة ... بقدره لا يتعداه

وقال أكثم بن صيفي لا تعاقب على الذنوب فوق عقوبتها فإن الله تعالى أقدر منك على عدوك وقال سرى السفطي خصلة من أعلام الاسلام وقواعد الايمان من إذا قدر لم يتناول ما ليس له وقالوا العفو احتمال الذنب الذي لا يكون عن عمد ولا يفضي إلى حد ولا ينقض سنة ولا يولد جرأة فأما الذي يرتكب عمداً ويوجب حداً فالاحتمال له ترخص في الذنوب والتجاوز عنه أبطال للحدود وذلك ما لا تحتمله السياسة ولا تطلقه الشريعة فمن عفا عمن يستوجب الحد كان كمن عاقب من يستحق المثوبة ذكر الحدود التي أوجبها الله تعالى على من أفرط في ارتكاب الفواحش وتغالى الحدود وضعها الله سبحانه للردع عن ارتكاب ما خطر وترك ما أمر فلا تقام إلا بعد سماع بينة أو اقرار فإن لم تكن بينة أحلف الخصم وذلك في حقوق الآدميين وهي نوعان حد وتعزير والحد أنواع حد زنا وحد سكر وحد سرقة وحد قذف فحد الزنا وهو أكبر الكبائر يثبت بأحد أمرين أما باقرار أو بينة والبينة أربعة شهداء يشترط في قبول شهادتهم رأى العين للمباضعة وفي جواز تعمد النظر

<<  <   >  >>