للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله (هاء) إنما هو قول الرجل لصاحبه إذا ناوله الشيء (هاك) أي خذ. فأسقطوا الكاف منه وعوضوه المد بدلاً من الكاف.

وقول الرسول : «الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء» أي إن هذه البياعات لا تجوز إلا إذا قال كل واحد منهما لصاحبه «هاء» أي خذ وهات، والمراد به القبض (١).

فيشترط القبض الحقيقي (٢)، أو الحكمي (٣) في بيع الأثمان، بعضها ببعض، وما يأخذ حكمها من العملات (٤)، ويتحقق القبض شرعاً في العقود المبرمة بالإنترنت بكل الوسائل المتعارف عليها في القبض الحقيقي أو الحكمي (٥).

ومن صور القبض الحقيقي، أن يسلم البائع المبيع إلى المشتري، ويسلم المشتري الثمن إلى البائع في مجلس العقد، قبل افتراقهما، وإن طالت مدة المجلس.

ومن صوره تطارح الدينين، أو اقتضاء أحد النقدين من الآخر، فإن الدائن أو المدين بنوع من النقود له أن يصرفها من دائنه بنقد آخر، وفي هذه الحال يجب على المدين أن يدفع له البدل من النقد الآخر في مجلس العقد، بخلاف الدائن فإنه لا يلزمه أن يسلم النقد المبدل منه، ويكون صرفاً بعين وذمة في قول أكثر أهل العلم (٦)، أو المقاصة من دين سابق، فإذا انشغلت ذمة الدائن بمثل ماله على المدين في الجنس والصفة ووقت الأداء، برئت ذمة المدين مقابلة بالمثل، فيسقط الدينان إذا تساويا في المقدار، وهذا تطارح للدينين. أما إن تفاوتا في القدر سقط من الأكثر


(١) تبيين الحقائق ٤/ ٨٩.
(٢) فتح القدير ٧/ ١٣٥، رد المحتار ٤/ ٢٣٤، الدر المختار للحصكفي ٤/ ١٨٢ و ١٨٣، تبيين الحقائق ٤/ ١٣٥، الفتاوي الهندية ٣/ ٢١٧. القبض في العقود المالية في الفقه الحنفي، للدكتور محمد زكي عبد البر، نشر مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، العدد الخامس ص ٧٤، الذخيرة ٥/ ١٢٠، شرح تنقيح الفصول ص ٤٥٦، المجموع ١٠/ ٩١، مغني المحتاج ٢/ ٧٢، المغني ٦/ ١٨٧، شرح منتهى الإرادات ٢/ ١٩٢، كشاف القناع ٣/ ٢٤٧، المحرر في الفقه ١/ ٣٢٣، مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد م ٣٣٣.
(٣) سيأتي بيانه في المطلب التالي، إن شاء الله.
(٤) أعني به الذهب والفضة غير المسكوكين نقوداً.
(٥) ينظر المعيار الشرعي رقم (١٨) بشأن القبض، الفقرة ٣ والفقرة ٥.
(٦) مواهب الجليل ٤/ ٣١٠، شرح النووي على صحيح مسلم ٤/ ١٠٠، المغني ٤/ ٣ مطبعة الإمام القاهرة، التقابض في الفقه الإسلامي ص ٦٢ لعلاء بن عبد الرزاق الجكنو

<<  <   >  >>