للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأدوات وتعطيني بعد ذلك الجنة فعلت وإلا فلا، فإذا استصعبتْ عليك نفسك فألزمها بالمكث في المسجد عقابًا لها. كان محمَّد بن المنكدر يجلس في المسجد يخاصم نفسه يقول لها: لماذا تحبين الخروج من بيت ربك؟!، تريدين أن تنظري إلى دار فلان ودار فلانة؟!، واللهِ ليس لكِ إلا هذه العجوز (يعني زوجته)، والله ليس لكِ طعام إلا هذه الكِسرة، وليس لك شرابٌ إلا هذه الشربة من ماء المسجد، أترضين أم تحبين أن تموتي؟، يقول: فأراها تقول: رضيتُ .. رضيتُ، فهكذا افعل مع نفسك، لكن النفس مخادعة أمارة بالسوء توافقك ظاهرًا، وتريد أن تخالفك وترفض ما تشترط عليها؛ فتأتي الكلمة الثانية وهي المراقبة.

ثانيًا: المراقبة:

راقب نفسك وكن رقيبًا على تصرفاتك، ولا تدع للنفس فرصة للتفلت منك، إنك قد تخرج من المسجد فتقع عينك على امرأة متبرجة، فتجاهد نفسك وتمنعها من النظر وتقول لها: ألم نشترط الجنة؟!، كان أحد السلف يمشي في الشارع فوقعت عينه على امرأة؛ فضرب عينه حتى نفرت (يعني تورمت) وجعل يقول: مالي أراك تتطلعين إلى ما لا يحل لك. فراقب نفسك وألجمها وامنعها مما لا يحل لها، خذ بزمامها وخطامها وألزمها الصراط المستقيم، ولا تغفل عنها لكي تنجو.

ثالثًا: المجاهدة:

وأشد شيء جهاد النفس، فهي مقيدة بقيد الجسم، مقيدة في هذا الجسم، ثم هي مقيدة بقيد العبودية، ثم أنت تتوعدها بقيد ثالث وهو قيد المكث في المسجد، فالنفس تحتاج إلى مجاهدة، وهذه المجاهدة لا بد لها من صبر وثبات أمام طغيان هذه النفس وتملصها، جاهدها لكي لا تضيعك وتسير في طريق جهنم، جاهدها ما استطعت.

<<  <   >  >>