وهذا الزهد هو أول نقدة من مهر الحب، فيا مفلس تأخر.
والنوع الثاني: غايةٌ وكمالٌ، وهو أن يبذلها للمحبوبِ جملة، بحيث لا يستبقي منها شيئًا، بل يزهد فيها زهد المحب في قدر خسيس من ماله قد تعلقت رغبة محبوبه به، فهل يجد من قلبه رغبة في إمساك ذلك القدر وحبسِهِ عن محبوبه؟، فهكذا زهد المحب الصادق في نفسه قد خرج عنها وسلمها لربه، فهو يبذلها له دائما بِتعرُّضٍ منه لقبولها.
وجميع مراتب الزهد المتقدمة مَبَادٍ ووسائل لهذه المرتبة، ولكن لا يصح إلا بتلك المراتب، فمن رام الوصول إلى هذه المرتبة بدون ما قبلها فمتعنٍ متمنٍ كمن رام الصعود إلى أعلى المنارة بلا سُلَّم، قال بعض السلف: إنما حرموا الوصول بتضييع الأصول، فمن ضيع الأصول حرم الوصول". اهـ كلام ابن القيم
أخي الحبيب .. إذا عرفت الزهد كما ينبغي، وليس بعد كلام الإِمام كلام، ففرصتك في رمضان أن تشهد هذا المشهد، خصوصًا أنك مُعَان، لقلة الطعام وقلة الشراب وقلة الفراغ، والإجهاد من الصيام والقيام وتلاوة القرآن، هذه هي الحياة فازهد في الدنيا ووسائلها.
[المشهد السادس: الإيثار]
شهر رمضان مدرسةٌ عظيمة، والدروس المستفادة من هذا الشهر وظائف للعمر وذكريات في الحياة، وهو تدريب عملي على مدار أيامه الثلاثين للفهم وتذوق هذه المعاني الإيمانية العالية لكي تكون الحياة على هذا النمط بعد رمضان؛ لأن في هذه المداومة تربية للنفس وتخليص لها من آفاتها.
ومن الآفات التي يفيد الصيام في التخلص منها أجل فائدة: الشح؛ لأن