حتى يرى أن مصيبة الدين أعظم من مصيبة الدنيا، وأن التفسير الذي يكون في عمله الصالح ينبغي أن يكون أشد عليه من ضره في بدنه أو ماله، وأنه مهما أصابه من مصائب الدنيا، فحق جبرانها وتعويضها مضمون، وأما مصيبة الدين فحظه من الله -عز وجل- قد ذهب، وحظه من الآخرة قد ولَّى.
[مقتضيات الحرمان]
فليت شِعري كيف يستدرك ذلك، وقد فات وذهب بذهاب أيامه وأزمانه؟
أولًا: الإقرار بظلمه لنفسه:
ليت شِعري من هذا المحروم فنعزيه؟، وكلنا ذلك المحروم، حتى يعلم أن ما أصابه بكسبه ومرذول عمله وسيئاته في قصده ووجهته، وأن ذلك مع إحسان الله -عز وجل- وفضله غيرُ لائقٍ منه، وغيرُ مناسبٍ لعقله وإيمانه، وأن الله تعالى لم يظلمه شيئًا، ولكن ظلم نفسه.
قال سبحانه في الحديث القدسي:"يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه"(١).
ثانيًا: التنبه لشؤم السيئات:
ليت شِعري من هذا المحروم فنعزيه؟، ويعلم أن هذه السيئات والتفريطات إنما هي نتاجُ سابقِ السيئاتِ والتفريطات، وأن جزاء الحسنةِ التوفيقُ لحسنةٍ بعدها، وأنَّ عقوبة السيئة الخذلان حتى يقع في سيئةٍ تتلوها وتكون بعدها.