للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيظل العبد المؤمن يعيش أيام رمضان ولياليه متلبسًا بتلك العبودية المترادفة بين الشكر والصبر، قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: ٧]، وقال سبحانه: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ} [النحل: ١٢٦ - ١٢٧]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عجبًا لأمر المؤمن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له" (١).

[المشهد الثالث: مشهد القبض والبسط]

هل الحياة مملة؟! ..

إن الذين لا يفهمون الحياة لا يعرفون كيف يعيشون هذه الحياة، فإذا لم يعيشوها كما ينبغي شكوا الملل!!، ولا أدري هل هو عقوبة؟

إن الذين لا يفهمون مراد الله منهم، فيعيشون الحياة على وتيرةٍ واحدة، فلا يشعرون بالتجديد والتجدد في معاني الحياة وملذوذاتها؛ يشكون السأم والضجر والملل ..

أما العبد الرباني، الذي يعيش على مراد الله منه لا على مراده من الله؛ فإن حياته متجددة، فهو في كل لحظة بعبادة، وكل ساعة بنية، وهذا المشهد يتضح أكثر ما يكون في رمضان؛ فإن الصائم يعيش ما بين المنع في النهار فيشهد مشهد القبض ثم يفطر وتنفتح له أبواب خيرات الله فيشهد مشهد البسط، وهكذا ما بين نوم ويقظة، وإفطار وإمساك، ونشاط وراحة، يعيش المسلم في رمضان بلا سأم ولا ملل، فإنه كل ساعة في انتظار تغيير يحدثه تجدد عبادة من العبادات.


(١) أخرجه مسلم (٢٩٩٩).

<<  <   >  >>