للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمشهد التوحيد في الصيام أجل مشاهد العبد وأكثرها نفعًا وأكثرها صلة بالفعل، فافهم واتكىء ولا تتكل.

[المشهد الثاني: مشهد الصبر والشكر]

الدين نصفان: نصفٌ شكر، ونصفٌ صبر.

تكلم العلماء في مسألة أيهما أفضل: الشكر أم الصبر؟، وخلاصة الكلام والله أعلم أن كل حال للعبد كان لواقعه أوفق فهو له أفضل إذا كان لله أرضى.

والإنسان لا ينفك عن الشكر والصبر، فإنه يعيش حياته ما بين نعم مترادفة تحتاج إلى شكر، وبين فتن متكاتفة تحتاج إلى صبر، والصبر أنواع، صبر على الطاعة، وصبر عن المعصية، وصبر على البلاء، والشكر أنواع: شكر نعم راسخة، وشكر نعم متجددة، وشكر نعم حادثة، وشكر صرف النبلاء، وشكر دفعه ... وغيرها.

وعظمة رمضان أنه في كل يوم منه يأتي العبد بكل هذه الأنواع من العبودية، فإن الإنسان يصوم النهار، فيحتاج إلى الصبر؛ الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية في ذات الوقت، وهو أيضًا صائم ويرى الطعام والشراب يلمعان بين عينيه ولا يقدر عليهما، فيتذكر ألم المحرومين الذين يرون ما يشتهون ولا يقدرون عليه لفقر أو مرض أو غير ذلك فينشغل بالشكر.

ويظل يومه هكذا، ما بين صبرٍ وشكر، فإذا أفطر في الليل وتناول حاجته من الطعام والشراب وأرضى شهوته؛ احتاج إلى شكر أعمق وعمل أكثر، فعاد مرة أخرى إلى الصبر على الطاعة ليقوم الليل، والصبر عن المعصية ليمتنع عما يدعوه إليه قطاع الطريق إلى الله في وسائل الإعلام وغيرها من المسلسلات والفوازير والأفلام وكل المعاصي الظاهرة والباطنة.

<<  <   >  >>