واستلهام حلاوة الإيمان .. فإذا فقه القلب أسرار الطاعة، وذاق لذة الطاعة، انصلح حاله.
إن آفة الأعمال أيها الأحبة أن تجري على الشكليات .. على المناظر .. على ما يبدو في الظاهر .. هكذا نشأ أكثر أهل عصرنا، يتوضئُون ويصلون ويصومون ويعتمرون ويحجون، وكل العبادات يؤدون كما رأوا آباهم وأجدادهم يفعلون، هكذا يستمرون، كما يفعل الناس يفعلون، دون دراسة حقيقية لأسرارها أو فقه لروحها، وبالتالي ضاع أثرها.
وُعْدتَ ترى صلاةً بغير خشوع، وقرَآنًا بغير تدبر، وصيامًا بغير تبتل، وحَجًّا وعمرة بغير حُبٍّ وشغفٍ وشوق .. كل العبادات تؤدى شكليًّا أداءً للواجب؛ ولكن دون وعيٍ صحيح بأسرار العبادة؛ فكانت النتيجة أن تجد أعمالًا بغير نتيجة، ولا أثر لها على شخصية العبد ولا على حاله مع الله.
إننا أيها الأحبة .. إذا أردنا أن نذوق طعم العبادة، ولذة الطاعة فلابد من معرفة حقيقية لأسرار العبادة، ورمضان له أسرار، وأسرار الصيام أعظم، ولعلك إن قرأت هذا الكتاب بكامله تجمع لك من متفرقه أسرار هذه الطاعة العظيمة.
[التمرين الرابع: تدريب القلب على الأنفة من المعاصي]
الأصل في القلب وجود هذه الأنفة بالفطرة، ولكن الفطرة تتبدل كما هو معلوم، وكما قيل: كثرة المساس تفقد الإحساس؛ فلذلك ينبغي على الإنسان أن يتحرى قبل رمضان إعادة هذه الحاسة إلى قلبه عند عدمها، أو تقويتها حال ضعفها، فيستنكف أن يعصي الله عَزَّ وَجَلَّ وخصوصًا إذا استشعر حالته الإيمانية أثناء الصيام. ولابد لكي تُدرِّب القلب على الأنفة من المعاصي قبل