للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبدء بصفحة نقية بيضاء، لا نريد زوبعة المشاكل في العمل، ولا نريد الانشغال بقيل وقال، لا نريد ضياع الأوقات في فضول الكلام، ولابد من الإصلاح بين المتخاصمين والوصول إلى حل وسط لإرضاء جميع الأطراف في غير معصية الله، قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: ١].

نريد أن يكون تعاملك مع زملائك في العمل مبنيًّا على حصول المكاسب لك في الدين، وإن خسرت الدنيا, ولابد كذلك من إتقان العمل وإحسانه لا سيما وأنت صائم تراقب الملك سبحانه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه" (١).

[الوصية الثالثة: إقامة هدنة مع نفسك للتخلص من سموم القلب]

وسموم القلب خمسة: فضول الطعام، وفضول الكلام، وفضول النوم،

وفضول الاختلاط، وفضول النظر.

١ - هدنة مع الأكل، إنه شهر صيام وتقلل لا شهر أكل ونهم وتوسع:

الطعام وقود الشهوات، وامتلاء المعدة بالطعام سبب لكسل البدن عن العبادة، وإذا أكل المرء كثيرًا شرب كثيرًا، فنام كثيرًا وخسر كثيرًا، وتأمل كيف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الشاب العَزَب بالصيام؛ وعلل ذلك بأن الصيام "وِجاء" أي قاطع للشهوة، يقضي عليها ويهذبها، وقد علمنا النبي - صلى الله عليه وسلم - فِقْهَ الطعام فقال: "ما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا بد فاعلًا، فثلثٌ لطعامه وثلثٌ لشرابه وثلثٌ لنَفَسِه" (٢)، نريد


(١) أخرجه أبو يعلى والطبراني في "الكبير" (٢٤/ ٣٠٦)، وصححه الألباني (١٨٨٠) في "صحيح الجامع".
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢/ ١١١)، وصححه الألباني (١٩٨٣) في "صحيح إرواء الغليل".

<<  <   >  >>