وهنا أقول لك -أيها الحبيب المحب-: إن حقيقة وسر الصيام المطلوب ليست أمرًا شكليًّا يُؤدى كيفما اتفق؛ ولكن هناك أسرار لهذه العبادة العظيمة لا بد من معرفتها وإتقانها علمًا وعملًا، ثم هناك مراتب للصائمين .. ليسوا سواء .. وإنما تتفاوت الأعمال بقدر ما تتفاوت الهمم وأحوال القلوب:
قال الحافظ ابن حجر: نقل ابن العربي عن بعض الزهاد أن الصوم على أربعة أنواع:
*صيام العوام: وهو الصوم عن الأكل والشرب والجماع.
*وصيام خواص العوام: وهو هذا مع اجتناب المحرمات من قول أو فعل.
* وصيام الخواص: وهو الصوم عن غير ذكر الله وعبادته.
* وصيام خواص الخواص: وهو الصوم عن غير الله، فلا فطر لهم إلى يوم القيامة، وهذا مقامٌ عالٍ.
وقال ابن الجوزي: الصوم ثلاثة: صوم الروح وهو قِصَرُ الأمل، وصومُ العقل وهو مخالفة الهوى، وصومُ الجوارح وهو الإمساك عن الطعام والشراب والجماع.
وقال: وما من جارحة في بدن الإنسان إلا ويلزمها الصوم في رمضان وغير رمضان، فصوم اللسان: ترك الكلام إلا في ذكر الله تعالى، وصوم السمع: ترك الإصغاء إلى الباطل وإلى ما لا يحل سماعه، وصيام العينين: ترك النظر والغض عن محارم الله.
فيا أخي ..
يا من طالت غيبته عن الله أبشر .. أبشر يا من دامت خسارته طول العام؛