ومخالطة الناس بلاء، قال بعض السلف: هذا أوان السكوت ولزوم البيوت.
إن الناس يثبطونك ويخذِّلونك عن الطاعة، وقلما تجد منهم ناصحًا أمينًا، فاحذر مخالطة أهل الدنيا، فإن خلائقَ السفهاء تُعدي، وكما يقول علماء التربية:"الطِّباعُ سَرَّاقة"؛ و"الإنسان ابن بيئته"، فإن كان لا بد من مخالطة فلتكن يسيرة، ولتكن بالصالحين، وعليك بذوي الهمم العالية منهم، من إذا دللته على خير سبقك إليه لا يثبطك عنه. ابحث عمن تعلم أن همته في الثريا وليست في الثرى.
وقد أُمِر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يصبر نفسه مع المؤمنين المجدين في السير إلى الله؛ فقال الله تعالى:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ}[الكهف: ٢٨]، ثم أمره تعالى بأن يجتنب مخالطة الغافلين وطاعتهم فقال:{وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف: ٢٨]، وقد حذرنا ربنا عَزَّ وَجَلَّ كذلك من الركون إلى الظلمة ومخالطتهم، وهذا يشمل العصاة المجاهرين بالعصيان كذلك، فرؤيتهم تقسي القلوب، كما أن رؤية الصالحين تذكر بالله، قال تعالى:{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}[هود: ١١٣].
٥ - هدنة مع العينين .. أغمض عينيك .. أرح بصرك:
قال تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}[النور: ٣٠]، وفي الآية التي تليها مباشرة:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}[النور: ٣١]، والنظر إلى المتبرجات يفتت عزم القلب .. يشتت القلب ويهلكه لأنه سم، وإطلاق البصر سبيل لحصول الظلمة في القلب، كما