للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففؤاد من لفظ ((ف أد))، وفادٍ من تركيب ((ف د ى)) , لكنهما لما تقاربا هذا التقارب دَنَوَا من التجنيس. وعليه قول الحِمْصِيّ [عبد السلام بن رغبان المعروف بديك الجن]:

وتسويف العِدات من السوافي [بحر الوافر]

فظاهر هذا يكاد لا يشك أكثر الناس أنه مجنس, وليس هو كذلك، وذلك أن تركيب تسويف من: س وف، وتركيب السوافي من س ف ي، لكن لما وجد في كل واحد من الكلمتين سين وفاء وواو, جرى في بادي السمع مجرى الجنس الواحد)) (١).

ومن الباحثين المعاصرين من أشار إلى نفس هذه الفكرة فقال: ((إن العودة إلى الجذر الأصلي root للكلمة قد يساعد إلى حد كبير في الكشف عن معالمها ومعرفة الجذر تتصل اتصالا وثيقا بالاشتقاق وطرقه في اللغة)) (٢). والمعجميون

((يجعلون حروف هذا الجذر مدخلا Entry form إلى شرح معاني ودلالات الكلمات التي ترجع إلى جذر أو أصل واحد ثابت، هو في الحقيقة يشكل البنية الأساسية)) (٣).

إذن كان البحث عن اشتقاق الكلمة وسيلة للوقوف على معناها (٤) (٥).


(١) الخصائص ٢/ ٤٦ ـ ٤٧
(٢) د. حلمي خليل: الكلمة دراسة لغوية معجمية، ص ٦٧
(٣) السابق ٦٧
(٤) اختط هذا الأسلوب ـ أي أسلوب البحث عن اشتقاق الكلمة كوسيلة لفهم دلالتها ـ د. أحمد مختار عمر في كتابه ((أسماء الله الحسنى: دراسة في البنية والدلالة)).ينظر: أسماء الله الحسنى، دراسة في البنية والدلالة، د. أحمد مختار عمر، ص ٨٣ ـ٨٥، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة٢٠٠٠
(٥) ونلمح نفس هذه الفكرة عند التبريزي، إذ نجده ـ من خلال الوقوف على اشتقاق الكلمة ـ يحدد المعنى الدقيق لها. قال التبريزي عند قول أبي تمام:
في لَيالٍ تَكادُ تُبقي بِخَدِّ الشَّمسِ مِن ريحِها البَليلِ شُحوبا [بحر الخفيف].
((أكثر ما يفسرون ((البليل)) إذا كان من صفة الريح بالباردة. والاشتقاق يدل على أن البليل التي فيها شيء من المطر)). [١/ ١٦٥ب٣١]. ومن المواضع المماثلة عند التبريزي: [٣/ ٣٠٤ب٢٧]، [٤/ ٥٥٤ب٧]، [٤/ ٥٦٩ب٩]، [١/ ١٥٨ ـ ١٥٩ب٧].

<<  <   >  >>