إن كان لابد للباحث أن يحدد لأبي العلاء مذهبا نحويا، فإن الباحث يرجح أن أبا العلاء كان يميل إلى المذهب ((البغدادي)) وهذا الترجيح يقوم على الأدلة التالية:
١ـ أن أبا العلاء لم يخرج من بلدته ((معرة النعمان من أعمال حلب)) إلا إلى طرابلس الشام، ثم رحل إلى بغداد سنة ٣٩٨هـ، وأقام بها سنة وسبعة أشهر، ثم رجع إلى بلده، ولزمها إلى أن مات؛ أي أن الرحلة العلمية الوحيدة التي قام بها أبوالعلاء كانت إلى بغداد.
٢ـ أن أبا العلاء إذا تناول مسألة نحوية أوصرفية، وعرض فيها آراء المذهب النحوية فإن أبا العلاء يذكر رأي البصريين، ثم رأي الكوفيين، ولا ينتصر لرأي منهما، ولا ينبه على أنه ضمن فريق من الفريقين. وندلل على ذلك بالآتي:
((((قَدْك)) في معنى حسبك، وهي كلمة تستعمل مع المضمرات كثيرا، ولا يعرف استعمالها مع الظاهر، وإذا جاءت مع المضمر فإنما يخاطب بها المواجه، ويعني بها المتكلم نفسه، فيقال:((قَدْكَ يا رجل، وقدني)) .... وعند النحويين أن النون دخلت ها هنا لتبقى الدال على سكونها، وربما قالوا:((قَدِي))، والفراء يجيز ذلك في غير الضرورة، وسيبويه يجعله من الضرورات ... فياء ((قدني)) عنده مثل ياء ((قدي))، وحذفت النون لإقامة الوزن)) (١).