للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ـ المبحث الثاني:

أوجه التشابه بين منهجي أبي العلاء والتبريزي وبين منهج مفسري القرآن الكريم.

تعددت مناهج تفسير القرآن الكريم واتجاهاتُه، ما بين تفسير بالمأثور وتفسير بالرأي وتفسير إشاري.

ومن هذه التفاسير ما هو مقبول، ومنها ما هو غير مقبول، وقد وضع علماءُ أهل السنة والجماعة شروطا وقواعد ومنهجا يكون بها التفسير ((مقبولا)).

ويبدوتأثُّرُ أبي العلاء (ت٤٤٩ هـ)، والتبريزي (ت ٥١٢هـ) بمنهج مفسري القرآن ((المقبولين)) في كثير من عناصر المنهج عندهما.

وقبل الشروع في إظهار هذا التشابه يجب النص على أن علماء التفسير بدورهم متأثرون بعلماء أصول الفقه أصحاب قصب السبق في وضع آليات لفهم النصوص العربية وفقهها، فقد، ((دخلت مناهج تفسير النصوص، طور التدوين والتسجيل، منذ القرن الثاني الهجري على يد الإمام الشافعي، والذي يرجع إليه الفضل في تأصيل هذه القواعد، وضبطها في نسق فكري خاص، كان أساسًا ونبراسًا لكل الجهود التي عنيت فيما بعد بمناهج التفسير، وقوانين الاستنباط من النصوص)) (١).

والقواعد التي أصلها علماء الأصول ((لا تقتصر أهميتها على فهم النصوص الشرعية فحسب، بل تتعداها إلى فهم جميع النصوص العربية)) (٢).

ولم يؤثر علماء الأصول فقط على المفسرين بل على النحاة واللغويين ونقاد الشعر أيضا، فها هو ابن جني العظيم نجد في كتاباته ((ما يدل في وضوح على أنه تأثر في وضع أصول التصريف والنحو بأصول الفقهاء والمتكلمين جميعا)) (٣).

وعند نقاد الشعر القدماء نجد النقد الذي يفرق بين ((اللغة العادية ولغة الأدب)) وهو بهذا ((يجاري منطلقات علم الأصول)) (٤).


(١) د. محمد قاسم المنسي: في التفسير الفقهي، ص ٤٣، مكتبة الشباب، ١٩٩٧م
(٢) د. عبد العزيز رمضان سمك: أصول الفقه الإسلامي، ص ١٩٣، دار النهضة العربية
(٣) د. شوقي ضيف: المدارس النحوية، ص ٢٦٨
(٤) د. عبد الحكيم راضي: النقد اللغوي في التراث العربي، ص ٨٥، مجلة فصول ع تراثنا النقدي ج٢، ١٩٨٦م، الهيئة المصرية العامة للكتاب.

<<  <   >  >>