للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

((.. يريد أنه لما أصابها الوَلَهُ اشتد عليه ذلك؛ فأظلم كل شيء بينها وبينه، وهذا كلام مستعمل، يقال: فلان قال كذا وفعل كذا؛ فاسودَّت الدنيا في عيني، ويقال: كان كذا من فلان؛ فاسودَّ ما بيني وبينه، وقد يؤدي لفظ الطائي معنى آخر، وهوأن الأشياء أظلمت دونها؛ أي: غيرها)) (١).

وـ تأويل البيت بما يناسب السياق الغير لغوي:

كان أبوالعلاء في تأويله للأبيات يراعي السياق غير اللغوي (سياق الحال)، ويحاول أن يأتي بتأويله منسجما مع هذا السياق، ومثال ذلك:

ـ قال أبوالعلاء عند قول أبي تمام:

يَتَساقَونَ في الوَغى كَأسَ مَوتٍ ... وَهيَ مَوصولَةٌ بِكَأسِ رَحيقِ [بحر الخفيف]

((هذا يحتمل غير وجه، من ذلك أن المسلمين الذين يقاتلون الكفار يدخلون الجنة؛ فيسقون من الرحيق المختوم، ولا يمتنع أن يريد سبي نسائهم، وتمتع الذين يقاتلونهم بهن؛ فيجعل الريق مثل الرحيق، وقد يمكن أن يكون الطائي علم أن الممدوح يستعمل الشراب؛ فقال هذه المقالة؛ أي: إنه إذا تفرغ عن قتال الأعداء رجع إلى حالة السلم)) (٢).

[ـ العنصر السادس من عناصر المنهج: الاهتمام بالجوانب الدلالية للكلمة المشروحة]

كان أبوالعلاء يهتم بالكلمة دلاليا، ويسعى لتوضيح الجوانب الدلالية للكلمة ويتجلى هذا الاهتمام الدلالي في الاهتمام بتتبع التطور الدلالي للفظة وتحديد استعمالها، وما يصاحبها من ألفاظ أخرى.

ـ الاهتمام بتتبع التطور الدلالي للفظة:

اهتم أبوالعلاء بتتبع التطور الدلالي للفظة، والمواضع والنصوص التي جمعها البحث تثبت أنه كان على علم بهذا التطور وبمظاهره التي تتمثل في ثلاثة مظاهر وهي: تخصيص الدلالة، تعميم الدلالة، تغيير مجال استعمال الكلمة.


(١) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [٣/ ٢٤٨].
(٢) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [٢/ ٤٣٤].

<<  <   >  >>