للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الروايات، وذلك بحسن توجيهها في الموضوع الذي وردت فيه ـ بلا تعسف ـ ودون أن يهمل رواية منها، فالجمع بينها مقدم؛ لأن إعمال النص الصحيح خير من إهماله)) (١). بل كان إعمال القراءات القرآنية المختفلة للآية الواحد مسلك المذاهب الفقهية أوعلى الأقل بعضها (٢).

وأبوالعلاء بحكم نشأته في بيت علم لم يكن بعيدا عن التأثر بهذا المنهج (٣).

هـ ـ وكان أبوالعلاء يميل ألا تكون المعاني المتأولة بعيدة عن الاستعمال اللغوي:

ومثال ذلك التالي:

ـ قال أبوالعلاء عند قول أبي تمام:

وَلِهَت فَأَظلَمَ كُلُّ شَيءٍ دونَها ... وَأَنارَ مِنها كُلُّ شَيءٍ مُظلِمِ [بحر الكامل]


(١) أسباب ورود الحديث، تحليل وتأسيس: د. محمد رأفت سعيد، ص ٣٧ (كتاب الأمة ـ وزارة الشئون الإسلامية، قطر ١٩٩٤)، وينظر أيضا: كيف نتعامل مع السنة: د. يوسف القرضاوي، ص ١٣٣ وما بعدها، (دار الشروق، ط٣، ٢٠٠٥).
(٢) ونقدم هنا بعض الأمثلة على الجمع بين القراءات القرآنية:

١ـ أن الحنفية يشترطون التتابع في صوم كفارة اليمين، عملا بقراءة ابن مسعود: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَات} [المائدة:٨٩]، ولم يشترط غيرهم ذلك؛ لأنه لا يعتد بهذه القراءة.
٢ـ أن الحنفية يرون عدم قطع اليد اليسرى للسارق عند السرقة الثالثة لفوات المحل؛ عملا بقراءة ابن مسعود: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُما} [المائدة:٣٨]، والرواية الثابتة: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}.
٣ـ أن الحنفية يوجبون النفقة في قرابة ذي الرحم دون سواها لقراءة ابن مسعود:
{وعلى الْوَارِثِ ذي الرحم مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة:٢٢٨]، والآية الثابتة: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذلك}.ينظر: مباحث في أصول الفقه: د. نادية محمد شريف العمري، ص ٢٥ (ط١، ١٩٩٠، دار هجر).
(٣) تراجع ترجمة أبي العلاء، وجزئية: علاقة أبي العلاء بالقراءات وبالحديث النبوي، وما قاله الإمام الذهبي إمام الجرح والتعديل، ص ٢١.

<<  <   >  >>