للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ورد مصطلح البنية عند أبي العلاء والتبريزي. أما عند أبي العلاء فالمقصود بها ((حروف الكلمة وضبطها)) (١)؛ أي: صيغتها. ويوافقه في ذلك المحدثون من علماء اللغة، إذ قرروا أن النظام الصوتي ((يتألف في كل لغة من عدد محدود من الأصوات، بحيث تكون مجتمعة كتلا صوتية تترابط أجزاؤها بعلاقات ووشائج معينة تنشأ من تجاور الأصوات ومواقعها وكونها في هذا الموقع أو ذاك، أو في هذا المقطع أو ذاك، ومن ثم فإن مجموعة العلاقات هذه هي التي تشكل البنية الأساسية لما نسميه الكلمة)) (٢).

أما مفهوم البنية عند التبريزي فهو أوسع من ذلك، فهو يشمل أيضا

((التراكيب) أي: تجاور كلمتين أوأكثر. قال التبريزي عند قول أبي تمام:

إِن رُمتَ تَصديقَ ذاكَ يا أَعوَرُ الد ... دَجالُ فَالحَظهُمُ وَلا تَذُبِ [بحر المنسرح]

((جعل ((أعور)) معرفة بالنداء، ثم نعته بالدجال، وبعض العرب يستوحش من هذه البنية، واستعمالها في كلامهم قليل، لا يكاد يوجد: يا غلامُ العاقلُ، أقبل)) (٣).

ومن الأمور المهمة التي يستنبطها الباحث من كلام التبريزي هنا أنه سمى هذا التركيب: ((يا (أداة نداء) + منادى + نعت مشتق)) بنية، وأن استخدام هذه البنية قليل. وهذا يعنى الآتي:

١ـ أن مفهوم البنية عنده لا يقتصر على لفظٍ مفرد، بل يتسع ليشمل ((تركيبا))، وبالطبع من الممكن أن يشمل هذا ((التركيب)) جملة.

٢ـ وأن هناك من البنى ما هو ((قليل الاستعمال مستوحش))، ومنها ((كثير الاستخدام مقبول)).

٣ـ وأن هذا ((الاستيحاش)) ـ أوعدم الأنس ـ أمر نفسي ذهني.

٤ـ وأن هناك من البنى العربية ما هو كثير الاستعمال، ومنها ما قليل الاستعمال.


(١) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [٤/ ٣٣٧ب٧].
(٢) د. حلمي خليل: الكلمة دراسة لغوية معجمية، ص٣٥
(٣) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [٤/ ٣٠٦ب٨]، وينظر أيضا: ٣/ ٢٣٦ب١٩

<<  <   >  >>