للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعل في منهجهما هذا إشارة إلى أن الوزن والقافية لا يمثلان أي عبء على الشاعر المتمكن من لغته وأنه رغم وجود هذين القيدين يمكن أن يكون له أسلوب. وهما في هذا يتفقان مع النقاد العرب الذين ((انتهوا إلى أن أعلى مراتب البراعة السيطرة على القيد المضروب، وفك الحصار المفروض، حتى لا أثر لهما في المنجز من اللغة)) (١).

ولعل في منهجهما هذا أيضا رد قديم على أصحاب ((قصيدة النثر)) و ((النثيرة)) الذين يرون ((في انبناء البيت على الانتظام رتابة مملة كما عدوا القافية قيدا شكليا يحول عمل الشاعر إلى جري وراء الموافقة الصوتية على حساب المعنى))، والذين يدعون ـ كما يقول أحد دعاتهم أدونيس ـ أن ((الشعر هو الكلام الموزون المقفى، عبارة تشوه الشعر، فهي العلامة والشاهد على المحدودية والانغلاق، وهي إلى ذلك معيار يناقض الطبيعة الشعرية العربية ذاتها)) (٢).

٧ـ قرينة خصائص الصنعة الشعرية.

قال أبوتمام:

مِن كُلِّ ريمٍ لَم تَرُم سوءًا وَلَم ... تَخلِط صِبى أَيّامِها بِتَصابي [بحر الكامل]

((.. وتخفيف الريم في هذا الموضع أجود في صناعة الشعر؛ لأنه يصير مجانسا لـ ((تَرُمْ)))) (٣).

[ب] قرائن السياق غير اللغوي:

أما قرائن السياق غير اللغوي فقد تنوعت بين القرائن التاريخية، الجغرافية، والعرفية وغيرها. أما القرينة التاريخية فتظهر عند قوله على بيت أبي تمام:


(١) حمادي صمود: الشعر وصفة الشعر في التراث، ص ٧٨، مقال بمجلة فصول ع تراثنا النقدي ج١/ ديسمبر ١٩٨٥م
(٢) السابق ص ٧٦
(٣) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [١/ ٧٦ ـ ٧٧ب٤] ويُنْظَرُ أيضًا الموضعان الآتيان: [٤/ ٤٥٠ب٦]، [١/ ٩].

<<  <   >  >>