للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحضورا يشكل سياقا تُفْهم أفكار القصيدة ومعانيها في ضوئه من ناحية أخرى؛ أي أن الحضور الموضوعي في القصيدة كان ينهض بوظيفتين مزدوجتين: إحداهما ذاتية، هي وضوح الفكرة العامة للقصيدة، والأخرى سياقية هي تحديد مفردات المعنى الشعري. ونستطيع القول ـ بعبارة أخرى ـ إن هذا الحضور الموضوعي يعني ـ في أحد وجوهه ـ ملمحًا من ملامح تماسك النص، وتماسك عناصره اللغوية والدلالية؛ أي يعني وضوحه، أوإن هذا التماسك أحد مؤشرات وضوحه وأسبابه في الوقت نفسه)) (١).

ولقد اعتبر د. تمام حسان ذكر الظروف التي قيلت فيها القصيدة من القرائن الخارجية التي تعين على فهم النص، وعدم الوقوع في ((لبس)) عند فهمه، فقال عند سرده لأنواع القرائن: ((... القرائن الخارجية، وهي ما يسمونه context of situation ، أوالظروف التي صاحبت إنتاج النص، ومنها أسباب نزول الآيات القرآنية، وذكر الظروف التي قيلت من أجلها الخطبة أوالقصيدة)) (٢).

وقد استعان التبريزي بالغرض الشعري في بعض المواضع لتفسير بعض أبيات أبي تمام، واستخدامه كقرينة لتوضيح المعنى، ومنها:

[١] قال أبوتمام يمدح أبا المغيث الرافقي، ويعتذر إليه:

سَأَجهَدُ عَزمي وَالمَطايا فَإِنَّني ... أَرى العَفولا يُمتاحُ إِلّا مِنَ الجَهدِ [بحر الطويل]

((((العفو)): السير السهل، ويجوز أن يكون من ((العفو)) في معنى الكثير وقد علم أن الطائي يعتذر في هذه القصيدة؛ فيجوز أن يريد بـ ((العفو)) غفران الذنب س)) (٣).

[٢] قال أبوتمام يهجوعَياشَ بن لَهِيعة بعد موته:

فيمَن يَشُنُّ الشِّعرُ غاراتِهِ ... بَعدَكَ أَوأَمثالَهُ السائِرَه [بحر السريع]


(١) د. عبد الرحمن محمد القعود: الإبهام في شعر الحداثة، ص ١٧٧ـ ١٧٨ [سلسلة عالم المعرفة ع ٢٧٩، مارس ٢٠٠٢، الكويت].
(٢) مقال: اللغة والنقد الأدبي، د. تمام حسان، مجلة فصول، مجلة النقد الأدبي، المجلد الرابع، العدد الأول، ١٩٨٣ بعنوان: النقد الأدبي والعلوم الإنسانية، ص ١٢٧
(٣) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [٢/ ١١٢ب١١].

<<  <   >  >>