للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الشروط التي وضعت لآداب مفسر القرآن: ((أن يكون ملما بالعلوم التي تعينه على أداء مهمته والقيام بالتفسير بالصورة الصحيحة، وقد أحصى العلماء هذه العلوم في خمسة عشر علما، أحدهما: اللغة ... ، الثاني: النحو .. ، الثالث: التصريف .. ، الرابع: الاشتقاق ...)) (١). وبناء على ما سبق ((ينبغي على العاقل ألا يقف موقف القائل في كتاب الله إلا إذا زود نفسه بزاد عظيم مما نص العلماء الفاقهون على أنه يجب أن يتزود به من يعرض لهذا الأمر الخطير من علم كاف باللغة، وأساليب البيان)) (٢).

وبسبب اهتمام المفسرين بالشعر الجاهلي وسيلة مهمة لشرح كتاب الله عدت كتب التفسير مصدرا من مصادر هذا الشعر. فمع اتساع الدولة الإسلامية ((استحدثت علوم كثيرة كالتفسير والحديث والفقه واللغة والنحووالبلاغة، وهذه كلها تحتاج إلى الأدب،؛ لهذا لا يخلو كتاب ألف في أحد هذه العلوم من آثار أدبية جاهلية؛ إذ أن جميع هذه العلوم تعتمد في تقرير أسسها ومبادئها على كلام العرب القدامى الفصيح، وبسبب ذلك دون كثير من الأدب الجاهلي في ثنايا هذه العلوم)) (٣)

وهكذا تبدوأهمية الأساس اللغوي كمنطلق للتفسير، وهذا هو نفس المنطلق الذي انطلق منه أبوالعلاء، وتبعه تلميذه التبريزي، وقد عرضنا عند الحديث عن منهجيهما مدى احتفائهما بالاستعمال اللغوي أوالمسموع اللغوي، وخاصة عند التبريزي، الذي كان يردد في كل بيت يشرحه لفظة ((يقال))،وكلمة ((المستعمل)).

وهذا التأكيد على الأساس اللغوي كمنطلق للتفسير أمر له اعتباره في تفسير النص، وأنه لا بد أن يكون الركيزة الأولى لتفسير أية نص، وأنه لا مجال بحق لـ ((شطحات الذهن)) في هذا الأمر، والمنهج الأدبي الذي يتعامل مع النص الأدبي ولا يكون من إجراءاته الاعتماد على ((اللغة)) هومنهج ـ لا شك ـ ناقص.


(١) السيوطي: الإتقان في علوم القرآن، ص ٥٥٢ ـ ٥٥٣.
(٢) مدخل إلى علم التفسير: د. محمد بلتاجي، ص ١٦٠، [مكتبة الشباب، ٢٠٠٠].
(٣) في تاريخ الأدب الجاهلي: د. علي الجندي، ص ١٤٤ [دار المعارف، ط٢]

<<  <   >  >>