للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونجد هذا الاحتفاء بالقياس واضحًا عند أبي العلاء، فهو يقيس ما لم يستعمل على ما استعمل من كلام العرب، وفي ذلك يقول: ((... ولا أمنع أن يجيء الفعل على ((فَعْلَن)) وإن كان المتقدمون لم يذكروه؛ لأن الاسم إذا جاء على ذلك، وجب أن يجيء عليه الفعل، إذا كان الاسم أصلا، والفرع متفرع منه، وقد قالوا: ناقة رَعْشن، وهي من الارتعاش وامرأة خلبن وهي من الخلابة)) (١). وقال: ((القياس لا ينكسر)) (٢). وورد في شرحه على ديوان أبي تمام قوله: ((.. ((أغاض)): قليلة في الاستعمال؛ وإنما يقال: غاض الماءُ وغاضه غيره، ويجوز أن يكون الطائي سمع أغاض في شعر قديم، وإن لم يكن قد سُمِع فالقياس يطلقه)) (٣).

فالبناء على المطرد هو عماد القياس عند أبي العلاء؛ لذلك أباح المعري ((توليد ألفاظ جديدة لم تعرفها العربية استجابة لضرورة التعبير)) (٤).

(ب) عدم التقيد بمذهب معين:

الوجه الثاني من وجوه تأثر أبي العلاء بابن جني عدم التقيد بمذهب معين، فابن جني ((كان يقيم مذهبه النحوي والصرفي على الانتخاب من المذهبين البصري

والكوفي وما انثبق عنهما من المذهب البغدادي عند أوائل البغداديين)) (٥).

فهو ((بغدادي من طراز آخر، طراز أستاذه أبي علي الفارسي والزجاجي، طراز كان ينزع إلى البصريين، وهو الطراز الذي عم وساد منذ النصف الثاني من القرن


(١) رسالة الملائكة: ص٢٣٦،تحقيق محمد سليم الجندي، دار صادر بيروت،١٤١٢هـ، ١٩٩٢م
(٢) الفصول والغايات: ٢٤٥
(٣) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [٢/ ٤٦ب٩].
(٤) د. جمال محمد طلبة: الفكر اللغوي عند أبي العلاء في ضوء علم اللغة الحديث، ص ٨٩
(٥) د. شوقي ضيف: المدارس النحوية ٢٧٢

<<  <   >  >>