للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في النصين السابقين أ / ب نجد هاتين العبارتين المهمتين: ((وإن لم يكن قد سُمِع فالقياس يطلقه)((والقياس يوجب)). فالعبارة الأولى تدل على أن أبا العلاء لا ((يُشِذُّ)) صيغة ((أغاض))، أي أنه لا يأخذ بالمدلول الأول للقياس الذي كان

((موجودا حتى أوائل القرن الرابع الهجري)) (١). أما عبارة ((والقياس يوجب)) تدل على مدى السلطة التي يتمتع بها القياس وأن لديه من القوانين الذاتية ما يحقق بها هذه السلطة وهو بهذا الفهم لابد أن يكون مدلوله المدلول الثاني.

وتفضيل أبي العلاء للقياس كمنهج في التعامل مع اللغة لابد أن يكون نابعا من موقف فكري التزم به، فليس المنهج ((مجموعة من القواعد الكلية والأسس العامة فحسب، بل هو قبل كل شيء موقف فكري محدد تجاه الأشياء والعلاقات ولا سبيل إلى استكناه حقيقة هذا الموقف أو استكشاف آماده إلا بربطه بالمؤثرات المختلفة فيه وعلى رأسها المؤثرات الفكرية المتصلة به)) (٢).

وبقليل من الاستقراء فيما تجمع لدى الباحث من أقوال أبي العلاء في شرحه للديوان، نجد أن القياس عنده ((يبنى على المطرد) ونلمح ذلك في النصوص التالية:

ـ قال أبوتمام برواية أبي العلاء لهذا البيت:

تَؤُمُّ شِهابَ الأزد حَفصًا وَرَهطُهُ ... بَنوالحَربِ لا يَنبو ثَراهُم وَلا يُكدي [بحر الطويل]

((... وذكر ابن السكيت أن ((الأسْد)) بالسين أجود، وغيره يقولها بالزاي، ويجب أن يكون الأصل بالسين؛ لأن الدال إذا وقعت قبلها السين الساكنة؛ فبعض العرب يحولها إلى الزاي، وكذلك الصاد، وكذلك قالوا في المثل: ((لم يُحْرَمُ مَنْ فُزْدَ له)) إذا سكنوا صاد فُصِدَ على لغة ربيعة)) (٣).

ـ قال أبوتمام:


(١) د. علي أبو المكارم: أصول التفكير النحوي، ص ٥٧
(٢) د. علي أبو المكارم: أصول التفكير النحوي، ص ١٠
(٣) يُنْظَرُ ديوان أبي تمام بشرح التبريزي: [٢/ ١٢٠ب٧].

<<  <   >  >>