عالماً أو متعلماً أو مستمعاً، ولا تكن الرابعة فتهلك».
فضحك وقال: هل تظنها كتب علم؟
قلت: فماذا فيها مما ينفع الناس؟
قال: فيها أخبار البشر؛ مَن سافر منهم أو حضر، أو تزوج أو وُلد له ولد، فما يصنع أحدٌ من شيء إلا دُوِّن فيها، ولا ينبغ من عالم أو أديب أو يَقْدم مُغَنٍّ أو تجيء قَيْنة أو تأمر الحكومة أو تنهى إلا ذُكر ذلك فيها، حتى إنّ فيها صفة الخمر والإعلان عن الميسر، وأخبار دور الدعارة والدعوة إلى الروايات الخليعة!
فلما سمعت ذلك طار عقلي، وأخذت هذه الجرائد فمزقتها شرّ ممزَّق، وعلمت أن الله مهلكٌ هذه القرية، وعزمت على مفارقتها ونويت ألاّ أعود إليها بعد الذي سمعت من خبر جرائدها، وما ظننت أن مثل ذلك يكون. ولم يجتزئ صاحبي بما أعلمني من علمها حتى وصف لي أخرى تكون في أيدي الصبيان والبنات، فيها صور قوم عراة تبدو عوراتهم ونساء ما يسترهن من شيء إلا شيء ليس بساتر! قلت: فهل يرضى الحضري بها؟ قال: نعم. فسقط والله من عيني وقلت: هذا القَرْنان الذي لا تأخذه على أهله غَيْرة، وما كنت أحسب أن رجلاً يؤمن بالله واليوم الآخر يفعل ذلك.
* * *
ولست مطيلاً عليك الحديث.
وذهبنا نزور سنمة، فسرنا حتى بلغنا قصراً عظيماً على بابه خلق كثير، وله دهليز تسطع فيه الأضواء، فقلت: هذا قصر