وإنفاق ساعة كل صباح في ترجيل الشعر وتصفيفه واختيار العقدة الملائمة للثياب والحذاء الموافق للجوارب، مما كان في أيامنا؟ رحمة الله على تلك الأيام.
* * *
وقلت للغلام: ألا تمشي معي أريك دمشق؟
قال: أنا أرى دمشق كل يوم، ولا أريد أن أمشي معك. إنني لا أمشي مع من هو أكبر مني ولا أمشي مع من لا أعرف.
قلت: ولو كان قريبك؟
قال: فهل أنت قريب؟
قلت: أنا أقرب الناس إليك.
قال: وما تكون مني؟
قلت: أنا أنت.
فضحك الخبيث وقال: رحم الله هبَنَّقَة (١)؛ أنت أنا، فمن أنا؟
(١) أحد بني قيس بن ثعلبة، ضُرب بحمقه المثل فقيل: «أحمق من هبنّقة»! ومن حمقه أنه كان يرعى غنم أهله فيرعى السمان في العشب وينحّي المهازيل، فقيل له: ويحك! ما تصنع؟ قال: لا أفسد ما أصلحه الله ولا أصلح ما أفسده! ومن حمقه أنه جعل في عنقه قلادة من ودع وعظام وخزف، فسُئل عن ذلك فقال: لأعرف بها نفسي ولئلا أضل. فبات ذات ليلة فأخذ أخوه قلادته فتقلّدها، فلما أصبح ورأى القلادة في عنق أخيه قال: يا أخي، أنت أنا، فمن أنا؟!