واحداً وإن اختلفت الصور، فجاء الشيطان فمَنَّانا في كل جديد لذة، فجعلنا نسعى أبداً وراء هذا الجديد حتى يستنفد السعيُ طاقةَ أجسادنا فتركبنا العلل، والرغبة كما هي ما نقصت ولا زالت، كالعطشان يشرب من ماء البحر فلا يزداد إلا عطشاً! وحبَّبَ إلينا الحرام وزيَّنه في عيوننا، وكرَّه إلينا الحلال (ولو كان أحلى منه) وسوَّده في أبصارنا، حتى لَيطلب الرجل واحدةً يسهر ليله ويُفني جسمه ويذرف دمعه شوقاً إليها، وعنده مِن حلاله مَن لا تُقاس هذه بشِسْع نعلها! وكلما خمدت هذه النار في أعصابنا أوقدتها نظرة إلى عورة بادية، أو إصغاء إلى كلمة نابية، أو صُحْبة شرير يدل على طريق الفساد.
ولو أنّا سلكنا طريق الشرع فتحصّنّا بحصن الزواج، وتسلحنا بغَضِّ النظر عن الحرام وسَدِّ الأذن عن الفحش، وتخيُّر الصالحين من الأقران، لجمعنا بين صحة الجسد وراحة القلب والنجاة في الآخرة.
* * *
ومنها: التمسك بالحاضر الموجود والزهد بالغائب الموعود.
يقول لك الشيطان: هذا يومُك بين يديك، فما لك ولغدٍ لا تدري ماذا يكون فيه؟ وهل يبيع العاقل موجوداً بمعدوم ومحقَّقاً بمتوهَّم؟ وهل رجع مَنْ ذهب فخبَّر بما رأى؟ إنما هي هذه الحياة، فاحْيَ فيها واستمتع بها وخذ من لذائذها! فإن أنت استمعت إليه جرَّك من هذه المقدمة إلى النتيجة الملازمة لها المقرونة بها، وهي