للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكتلة الوطنية رافعة لواء النضال للاستقلال (١)، وكان آخر ما أفكر أن أكون موظفاً.

أنا أكون موظفاً في ظل الانتداب؟! وإذا فُرض ما لا يكون وقبلت التوظيف فلن أكون معلماً محترفاً، حسبي أنني أعلم في المدارس الأهلية في دمشق (الأمينية والكاملية والجوهرية والتجارية) من سنة ١٩٢٥ (١٣٤٥هـ)، إي والله! ولكن هذا الذي كان؛ فقد كانت في سنة ١٩٣١ نكسة وطنية بعد انتخابات ٢٠ كانون (أي ديسمبر) التي قاطعناها، وسيطر الفرنسيون، وعطّلوا الجريدة التي كنت أعمل فيها، فقبلت أن أكون معلماً لئلا أدع إخوتي بلا طعام.

وضربت موجة أخرى زورقي حين آذاني الحاكمون، فنقلوني في أقل من ثلاث سنوات بين خمس من القرى، وآذيتهم بقلمي ولساني، فتركت الشام وسافرت إلى العراق. وكان لي في العراق إخوان وكان لي تلاميذ، منهم من صار رئيس جمهورية (رحمه الله وأبقى أخاه (٢)) ومنهم من لست أحصي ممّن صاروا وزراء، وصار منهم كبار القضاة والقادة والضباط.


(١) «الأيام»، وأخباره فيها في الجزء الثاني من الذكريات: ص٤٩ - ٦٥ (مجاهد).
(٢) كان عبد الرحمن عارف رئيس جمهورية العراق لما كتبت هذا الفصل.
قلت: حكم لمدة سنتين (١٩٦٦ - ١٩٦٨) وكان أخوه عبد السلام عارف رئيساً قبله منذ عام ١٩٦٣، وقد عُرف كلاهما بالتدين والنزاهة، مع ميول قومية مَشوبة بعاطفة إسلامية. وبالجملة فقد كانت أيامهما أحسن مما قبلها وخيراً مما بعدها (مجاهد).

<<  <   >  >>