والعلم والمال والجنة، واجتنب حياة البشر وهام مع الوحش في البريّة، وملأ أيامه حسرة وكآبة وغمّاً لأن ... لأن الله خلق عينَي ليلى سوداوين فتّانتين، وجعل أنفها رقيقاً دقيقاً، وبرأ فمها أحمر كالوردة حلواً كالسكر صغيراً لا يعرف إلا لغة القبل! نعم، إنه جُنَّ لأن الله لم يخلق ليلى هذه قبيحة شَوْهاء!
لقد كان يعيش قبل أن يعرف ليلى كما كان يعيش سائر أبناء آدم، وكانت حياته كاملة سعيدة من غير ليلى، فاشتهى يوماً أن يدنو من امرأة كما يشتهي كل رجل، فقادته المصادفة إلى ليلى، فأرادها، فلم يصل إليها فجُنّ، ولو كان عاقلاً لرأى في كل امرأة في الدنيا غَناء عن ليلى. إن مَثَله مَثَل رجل أراد أن يدخل بيتاً له مئة باب، فطرق باباً منها وعالجه فلم يُفتَح له، فوقف يبكي وينتحب شوقاً إلى الدخول ويضرب الجدار برأسه، والأبواب التسعة والتسعون مفتَّحة أمامه!
وإن لكل رجل ليلى:
كلٌّ يُغَنّي على لَيْلاهُ متَّخِذاً ... ليلى منَ النّاسِ أو ليلى من الخشبِ
فإن فاتته ليلى الناس أجزأت عنها ليلى الخشب، فما بال قيس؟ أوَلم يخلق الله في النساء جميلة إلا ليلاه؟ أوَليست المصادفة هي التي ألقتها بين يديه، ولو كان رأى سُعدى أو سلمى لكان مجنون سلمى أو سعدى؟
وهذا مجنون آخر هو ستيفن مجنون ماجدولين. ولقد عرفته مذ نقله إلى الشرق إمامُ الكاتبين المنفلوطي رحمة الله على روحه،