للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُبَشركِ} (١). مع أنَّ مريم - رضي الله عنها - ليسَتْ نبيَّةً على الصحيح.

وفي"مُسْلم": "إن الله تعالى بَعَثَ مَلَكاً لرجُلٍ على مَدْرَجَتِه، وكان خَرَج لزيارة أخٍ له في الله تعالى، وقال له: إنَ الله تعالى يُعْلِمُك أنه يُحِبُّك لحبّك لأخيك في الله تعالي"الحديث بطوله (٢)، وليس ذلك نُبوَّة.

ولو بَعَثَ الله تعالى لأحدِنا مَلَكاً يُخبره بمذهب مالك في واقعة معيَّنةٍ، أو بضالةٍ ذهبَتْ له: لم يكن ذلك نُبوة، وإنما النبوة - كما قاله العلماء الربانيون - أن يُوحِي الله تعالى لبعضِ خَلْقه بحُكمٍ أُنْشئ لمسألةٍ، يختصُ به، كما أوحى الله تعالى لنبيّه محمد - صلى الله عليه وسلم -: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} (٣).

فهذا تكليفٌ لمحمدٍ يَختصُّ به في هذا الوقت. قال العلماء: فهذه نبوَّة وليسَتْ رسالة، فلمَّا أنزل الله تعالى عليه: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ} (٤). كان هذا رسالة، لأنه تكليف يتعلَّقُ بغير الموحَى إليه، فتقدَّمَتْ نبوَّةُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على رسالتِه بمُدَّة، ولذلك قال العلماء: كلُّ رسولٍ نبي، وليس كلُّ


(١) من سورة آل عمران، الآية ٤٥.
(٢) ولفظُه في "صحيح مسلم" في كتاب البِر والصِلَة والآداب في باب فضل الحب في الله تعالى ١٦: ١٢٤ "عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلاً زار أخاً له في قَرْيةٍ أخرى، فأرصَدَ - أي أقعَدَ - الله له على مَدْرجتِه - أي طريقِهِ - مَلَكاً، فلما أتى عليه قال: أين تُريد؟ قال: أريدُ أخاً لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمةٍ تَرُبُّها - أي تقومُ بإصلاحها وتَنهضُ إليه بسببها -؟ قال: لا، غيرَ أني أحببتُه في الله عز وجل، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبَّك كما أحببتَه فيه".
(٣) من سورة العلق، الآية ١ - ٢.
(٤) من سورة المدثر، الآية ١ - ٢.

<<  <   >  >>