للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُعارِضٌ مرجوحٌ من حديثٍ مضطربِ الإسنادِ ونحوِه: فإِنه لا يُعتدُّ به، ويُنقَضُ ذلك الحكمُ لوقوعه على خلاف المعارِض الراجح.

فهذا هو سببُ النقض، فإِنَّ مِثلَ هذا لا يقر في الشرع لضعفه، وكما لا يَتقرر إِذا صدَرَ عن الحكام كذلك أيضاً لا يصح التقليدُ فيه إذا صدَرَ عن المفتي، ويَحرُم اتباعُهُ فيه.

ولذلك نقولُ: ليس كلُّ الأحكام يجوزُ العملُ بها، ولا كلُّ الفتاوى الصادرةِ عن المجتهدين يجوز التقليدُ فيها، بل في كل مذهبٍ مسائلُ إِذا حُقّقَ النظرُ فيها امتنَعَ تقليدُ ذلك الإِمام فيها كالحُكَام حَرْفاً بحرف.

وأما مُثلُها: فكما لو حكَمَ بأنَّ الميراث كلَّه للأخ دون الجَدّ، فإِن الأُمة على قولين: المالُ كلُه للجَد، أو ويقاسِمُ الأخَ، أما حِرمانُه بالكلية فلم تقل أحدبه. فمتى حكَمَ به حاكم بناءً على أنَّ الأخَ يُدلي بالبنوة، والجدَّ يُدلي بالأبوَّة، والبُنَّوة مقدمة على الأبوَّة: نَقَضْنا هذا الحكمَ، وإِن كان مُفتِياً لم نُقلده.

ومثالُ مخالفةِ القواعد: المسألةُ السُّرَيْجِية (١)، متى حكَمَ حاكم بتقرير


(١) نسبة إلى ابن سُرَيج، وهو أبو العباس أحمد بن عُمر بن سُرَيج أحَدُ أئمة السادة الشافعية في عصره، ولد سنة ٢٤٩، وتوفي سنة ٣٠٦ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -، وترجمتُه الحافلة في "طبقات الشافعية" لإبن السبكي ٨٧:٢ - ٩٦ من الطبعة الحسينية، و ٣: ٢١ - ٣٩ من الطبعة المحققة.
واشتهرت المسألةُ بالسُّرَيجية لأنه الذي أظهرها، وهي كما في حاشية العلامة الصاوي المسمَّاة "بُلْغَة السالك إلى أقرب المسالك إلى مذهب الإِمام مالك"١: ٥١٥: "إذا قال: إن طلَّقتُكِ فأنتِ طالقٌ قبلَه ثلاثاً لا يَلزمُه شيء أصلاً، ولا يَلحقه فيها طلاقٌ للدوْرِ الحُكميّ، فإنه متى طلقَها وقع الطلاق قبلَه ثلاثاً، ومتى وقع الطلاقُ قبلَه ثلاثاً كان =

<<  <   >  >>