للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فطلَّقها ثلاثاً أو أقلَّ، فالصحيحُ لزومُ الثلاثِ له (١)، فإِذا ماتت أو مات وحكَم بالإِرث لها أو منها نَقَضنا حُكمَه، لأنَّهُ على خلاف القواعد، لأنَّ من قواعد الشرع صِحَّةَ اجتماع الشرط مع المشروط، لأنَّ حُكمه إِنما يظهر فيه، فشَرْط لا يصحُّ اجتماعه مع مشروطه لا يَصحُّ أن يكون في الشرع شرطاً، فلذلك يُنقَضُ حكمُ الحاكم في المسألةِ السُّريجيَّة.

ومثالُ مخالفةِ النصّ: حكمُهُ بشُفعةِ الجار، فإِنَّ الحديث الصحيح واردٌ في اختصاصها بالشَّريك (٢)، ولم يَثبُت له معارِضٌ صحيح، فيُنقضُ الحكمُ


= فلا يُعتبَرُ واقعاً شرعاً.
وواضحٌ أن رأيَ ابنِ سُرَيج سَفْسطةٌ فقهية، لأنَّ المانعَ من وقوعِ الطلاقِ المنجَّزِ: اللاحقُ المعلَّقُ عليه إذا كان، أي المانعُ هو وجودُ ثلاثٍ قبلَه، فهذا إنما يكون عند اعتبار تلك الثلاثِ واقعةً، فإن لم تُعتبَر واقعةً لم يَبقَ في طريق الطلاقِ المنجَّزِ عليه أيُّ مانع يَحُولُ دون وقوعِه، كما هو ظاهر، فابنُ سُرَيج لم يَلحظ لوازمَ رأيهِ المتناقِضَةَ، ولذا قال العِزُّ بنُ عبد السلام عنها: إنها ضلالٌ مبين" انتهى.
(١) أي الثلاثِ المنجزةِ لا المعلَّقة، بدليلِ لاحِقِ كلامِهِ الآتي، حيث يتبَّينُ عَدمُ إمكانِ وقوع المعلَّق، لعدم اجتماعِ الشرطِ والمشروط، وهو خلافُ المعهود في الشريعة، وعليه يَظهَرُ ما في قوله: (فالصحيحُ لُزُومُ الثلاثِ له)، من تساهلٍ في التعبير، فقد كان المناسِبُ أن يقول: (لزومُ الثلاثِ أو الأقلِّ بحسَبِ ما طَلَّق)، لأنه قد فَرَض في المسألة أنَّ الرجلَ بعد التعليق طَلَّقَ بالتنجيزِ ثلاثاً أو أقلَّ، ما دام الذي يقعُ إنما هو المنجز لا المعلق. أفاده أستاذنا العلامة الفقيه مصطفى أحمد الزرقاء أمتع الله به.
(٢) قلت: واستدلوا له بما روى البخاري في كتاب الشفعة، في (باب الشفعة فيما لم يقسَم) ٤٣٦:٤، ومسلم ١١:٤٦، في كتاب البيوع، في (باب الشفعة): وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -: قَضَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وَقَعَتْ الحُدودُ. وصُرفَتْ الطُرُقُ فلا شُفعةَ". هذا لفظُ رواية البخاري، ولفظ رواية مسلم: "قَضَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كلِّ شِرْكةِ لم تُقسَم .. ". =

<<  <   >  >>