للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأول، تفتقرُ إِلى التحرير وتقديرِ التعزير بقدر الجناية والجاني والمجني عليه.

وأما متى عَرِيَتْ الأحكامُ المجمَعُ عليها عن ذلك لم تَحتج إلى تنفيذ الحاكم، وله تنفيذُها. وأما إِنشاءُ حكمِ فلا سبيل إِليه في جميعها.

وأما حقيقةُ التنفيذ فهو غيرُ الثبوتِ والحكم، لأنه الإِلزامُ بالحبسِ والسَّجن، وأخذُ المالِ بيد القوة ممن عليه الحق، ودفعُه لمستحقِّه ونحوُ ذلك، فهذا هو التنفيذ. وهو في الرتبة الثالثة الأخيرة (١)، والثبوتُ في الرتبة الأولى، والحكمُ بينهما في الرتبة الثانية.

فظهر الفرقُ بين الثبوت والحكم والتنفيذ، وأنَّ الثبوت غيرُ الحكم قطعاً، وقد يَستلزمه وقد لا يَستلزمه، وقد تكون الصورة قابلةَ لاستلزامه وقد لا تكون قابلةً له، كما تقدَّمَ في صُوَر الإِجماع (٢). وأن القولَ بأن الثبوتَ حُكم في جميع الصور خطأ قطعاً، وأنه يتعيَّن تخصيصُ هذه العبارة، وتأويلُ كلام العلماء وحملُه على معنى يصح، فاعلم ذلك (٣).


(١) قال المؤلف في "الذخيرة": "وليس كلُّ الحكام لهم قوة التنفيذ لا سيما
الحاكمُ الضعيفُ القدرة على الجبابرة، فهو يُنشئ الإِلزام ولا يَخطُرُ له تنفيذُه لتعذر ذلك عليه، فالحاكم ليس له إِلَّا الإِنشاء، وأما قوة التنفيذ فأمرٌ زائد على كونه حاكماً". انتهى من "تبصرة الحكام" لإبن فرحون ١: ١٢، ١٣.
(٢) في ص ١٤٤.
(٣) وقال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في كتابه "الفروق" ٤: ٥٤ في الفرق (٢٢٥): "اختُلِفَ في الحكم والثبوت، هل هما بمعنى واحد أو الثبوتُ غير الحكم؟ والعجَبُ أن الثبوت يوجد في العبادات والمواطن التي لا حكم فيها بالضرورة إجماعاً، فيَثبُتُ عند الحاكم هلالُ رمضان وهلالُ شوال، وتَثبُتُ طهارةُ الماء ونجاستُه، ويَثبُتُ عند الحاكم =

<<  <   >  >>