للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المثالُ الثالث: بَيع من أعتقَه المِدْيانُ (١)، لا بُدَّ فيه من الحاكم، لتعارضِ حقِّ الغرماء في ماليّة العبد، وحقِ الله تعالى في العتق، وحق السيد في براءة ذمَّتِهِ من الدَّين، أو تحصيلِ القُربة بالإِعتاق، وقُوَّةِ الخلاف في المسألة، حتى إِنَّ الشافعيَّ يُنكرُها إنكاراً شديداً ويقولُ: الدَّيْنُ في الذمَّة، والعتقُ في عينِ الرَّقيق، فلا تَنافي، فلا يَبْطُلُ العتقُ لعدم تعيُّنِ الرقيق عنده للدَّيْن.

فإِذا حكَمَ به حاكم تعيَّن ما حكَمَ به من البيع، وثَبَت الملكُ للمشتري وللمعتقِ إِنْ اشتراه بعدَ ذلك، وصُرِفَتْ الأثمان في الديون، ورَضِيَ كلُّ أحدِ بما صدَرَ عن نائبِ الله تعالى ونائب رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

فهذه الأسباب الثلاثةُ هي الموجِبةُ للإفتقار للحُكَّام ووُلاةِ الأمور، فإِذا لم يُوجدُ شيءٌ به. منها تَبِعَ الحُكمُ سبَبه الشرعيَ، حكَمَ به حاكم أم لا.

ولأجلِ هذه القاعدة انقسمت الأحكامُ ثلاثةَ أقسام:

١ - منها: ما يَتبَعُ سبَبَه بالإِجماع، ولا يَفتقرُ الحاكم، لقوَّةِ بُعدِه عن اشتماله على أحدِ تلك الأسباب الثلاثةِ الموجِبة للإفتقار.

٢ - ومنها: ما يَفتقرُ للحاكم إِجماعاً، للجزم باشتماله على أحدِ الأسباب الثلاثة أو اثنينِ منها.

٣ - ومنها: ما اختُلِفَ فيه هل هو من القسم الأول أومن القسم الثاني؟ لِمَا فيه من وجوهِ الإِخالة (٢)، باشتمالِه على أحدِ الأسباب أو عدمِ


(١) أي المَدِين.
(٢) بالخاء المعجمة، أي الظنّ. ووقع في الأصول الخمسة كلها: (الإِحالة)، بالحاء المهملة وهو تحريف يقع كثيرًا في هذه الكلمة التي هي من (علم أصول الفقه)، =

<<  <   >  >>