للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وساء المآلُ في ذلك (١).

السببُ الثالث: قُوَّةُ الخلاف مع تعارضِ حقوقِ الله تعالى وحقوقِ الخلق، فوَجَبَ افتقارُ ذلك للحاكم؛ لأنه نائبُ الله تعالى في أرضه خلافةً عن نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فإِذا أنشأ حُكمًا مما تقبلُه ذلك المحل تعين فيه ووجَب الِإذعانُ إِليه. وله مُثُلٌ:

المثالُ الأول: من أَعتقَ نصفَ عبدِه لا يُكَمَّلُ عليه بقيتُه إِلَّا بالحكم، لتعارُضِ حقِ الله تعالى في العتقِ، وحق السيد في المِلكِ، وحقِّ العبد في تخليص الكسب، وقُوَّةِ الخلافِ في التكميل عليه.

المثالُ الثاني: العتقُ بالمُثْلَة (٢)، فيه حقُّ الله تعالى وحقُّ السيدِ في الملكِ وحق العبد، كما تقدَّم في المثالِ الأول، فإذا حكَمَ حاكم تعيَّنَ ما حَكَم به، وبطَلَ ما يُخالفُه وسكنَتْ النفوسُ وتعيَّنت الحقوق.


= ومعذرةً فقد طالَتْ هذه التعليقةُ وهي في تفسيرِ كلمة وتأكيدِ صحتها, ولكنها لا تخلو من فائدة للمشتغلين بالفقه وأصوله والتاريخِ والأدب واللغة إذا مَرتْ بهم، فيكونُ لهم بها أنسى ومعرفة إن شاء الله تعالى، واللهُ وليُّ التوفيق. ويُعَلمُ من هذا الذي قدمتُه أن التوفيقَ له أوقات، كما أنه عزيزٌ لا يَحصُلُ لكل من يُريدُه وَقْتَ يُريده.
(١) قال شيخنا وأستاذنا العلَّامة الفقيه مصطفى أحمد الزرقاء سلَّمه المولى ورعاه، فيما كتبه إلى، تعليقًا على ما ذكره القرافي في هذا المثال الثالث، ما يلي:
"يمكنُ التمثيلُ باستيفاء الحقوق الثابتة، فلو جُعِلَ لذي الحقِّ استيفاءُ حقه بقوته دون قضاء، لأدى ذلك إلى الهَرْج والمَرْج ولو السبَبُ واقعًا ومشهودًا، بل على صاحب الحقِّ أن يلجأ إلى القاضي إن لم يؤدِّهِ إليه المدينُ بالتراضي، فلا يجوزُ استيفاءُ الحقِّ بالقوة".
(٢) كقلع السيد ظُفرَ عبدِه أو سِنَّه، أو قَطْعِ أُذنِه.

<<  <   >  >>