للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع الرابع: إِثباتُ الحِجَاجِ المُوجِبةِ لثبوت الأسبابِ الموجِبة للاستحقاق، نحوُ كونِ الحاكم ثبَتَ عنده التحليفُ ممن تعيَّنَ عليه الحلفُ، وثبوتِ إِقامةِ البينات ممن أقامها، وثبوتِ الإِقرارات من الخصوم، ونحوِ ذلك.

فإِنَّ هذه حِجَاج تُوجبُ ثبوتَ أسبابٍ موجبةٍ لإستحقاق مسبَّباتها، ولا يَلزمُ من كونِ الحاكم أثبتها أن تكون حُكماً، بل لغيره أن يَنظر في ذلك فيُبطِلَ أولًا يُبطِل، بل إِذا اطَّلع فيها على خَلَلٍ تعقَّبه، ولا يكونُ ذلك الإِثباتُ السابقُ مانعًا مِن تعقُّبِ الخلَل في تلك الحِجَاج.

النوع الخامس: إِثباتُ أسباب الأحكام الشرعية، نحوُ الزَّوَالِ، ورُؤيةِ الهلالِ في رمضان وشوالٍ وذي الحِجَّة، مما يترتَّبُ عليه الصومُ، أو وجوبُ الفطر، أو فِعلُ النُسُك، ونحوُ ذلك، وجميعُ أوقات الصلوات.

فجميعُ إِثبات ذلك ليس بحكم، بل هو كإِثباتِ الصفات. وللمالكي أن لا يصوم في رمضان إِذا أثبَتَ الشافعيُّ هِلالَ رمضان بشاهدٍ واحد؛ لأنه ليس بحكم وإِنما هو إِثبات سبب، فمن لم يكن ذلك عنده سببًا لا يَلزمه أن يُرتَبَ عليه حُكماً (١).


(١) ذكر المؤلف القرافي في كتابه "الفروق" ١: ١٢٨ - ١٢٩ في الفرق (١٦) فائدة حسنة تتعلقُ بذكرِ الفرق بين الأدلَّة والحِجاج والأسباب. وهذه خلاصتُها:
"الفرقُ بين أدلَّة مشروعية الأحكام وبين أدلة وقوع الأحكام: أنَّ أدلَّةَ مشروعية الأحكام محصورةٌ شرعًا، تتوقف على الشارع وهي نحو العشرين. وأدلةَ وقوع الأحكام هي الأدلةُ الدالةُ على وقوع الأحكام أي وقوعِ أسبابها وحصولِ شروطها وانتفاءِ موانعها.
فأدلةُ مشروعية الأحكام: الكتابُ، والسنةُ، والقياسُ، والِإجماعُ، والبراءةُ الأصلية، وإجماعُ أهل المدينة، وإجماعُ أهل الكوفة - على رأي -، والإستحسانُ، =

<<  <   >  >>